[17] الخليفة الناصر لدين الله، أبو العباس
  فكتب إليه الخليفة:
  نسج داود لم يفد صاحب الغار ... وكان الفخار للعنكبوت
  وبقاء السّمند في لهب النار ... مزيل فضيلة الياقوت
  وفي تاريخ ابن خلكان زيادة:
  وكذاك النعام تلتقط الجمر ... وما الجمر للنعام بقوت
  ونسب القطعة جميعها إلى أبي يوسف المذكور، وأما أبيات الوزير فذكر أنه ما عرف قائلها.
  قلت: ذكر ابن عنبة في عمدة الطالب صحّة نسب الشريف الوزير وشرح حاله وذكر أن الناصر لما قبض عليه أرسل الوزير رقاع جميع ماله من النقود والأموال إلى الناصر وقال: إن هذا جميعه مما كسبته في خدمة مولانا، وقد عاد إليه حقّه، فأمر الناصر بإرجاع جميع ماله إليه، وقال: إن التدبير أوجب عزلك، فأما مالك فلا حاجة لنا إليه.
  وقيل: إن الناصر صلاح الدين أيوب كتب إلى الخليفة الناصر يشكو من وزيره الشريف القمّي ويقول: إن لم يعزل فعندي في بيت من قرابة العاضد وأولاده أكثر من ستين رجلا، أخرج أحدهم وأبايعه بالخلافة، فخشي الناصر فعزله، إلّا أن ابن عنبة ذكر عن الوزير ظلما وكبرا(١).
  ولأبي عبد اللّه محمد سبط ابن التعاويذي - الآتي ذكره(٢) - في الإمام الناصر القصيدة النونية المشهورة وسأوردها بكمالها هنا، لما اشتملت عليه من المحاسن، ورعاية لقدر ممدوحها، وإن كان الأنسب تأخيرها إلى حرف الميم وهي [من البسيط]:
  سقاك سار من الوسميّ هتّان ... ولا رقت للغوادي فيك أجفان
  يا دار لهوي وأطرابي وملعب أت ... رابي وللّهو والأطراب أوطان
  أعائد لي ماض من جديد هوى ... أبليته وشباب فيك فينان
  إذ الرّقيب لنا عين مساعدة ... والكاشحون لنا في الحبّ أعوان
(١) عمدة الطالب.
(٢) ترجمه المؤلف برقم ١٦٥.