[17] الخليفة الناصر لدين الله، أبو العباس
  وكان الركود شديدا، ولم ير الناس ليلة أسكن منها.
  والخارمي، المذكور في القصيدة: أحد أكابر المنجمين في ذلك الوقت، وهو منسوب إلى خارم بالخاء المعجمة وبعدها ألف ثم راء، ثم ميم: مدينة من ساحل الشام.
  ورأيت في بعض التواريخ: إن الخليفة الناصر لما رأى إجماع المنجمين طلب فلانا وكان أجلّ منجّم ببغداد، فذكر له ما يقوله أهل النجامة، فقال: يا أمير المؤمنين لا أقول بقولهم، ولكن أقول: إن أعظم محل يجمع الناس تصيبه آفة سماوية، فكثر خوف الخليفة على بغداذ، وقال: ما في الدنيا أجمع للناس منها، وأمر بإصلاح الجسور خشية من الغرق، فاتفق أن الحجّاج نزلوا مجتمعين بمنى فجاءهم سيل لم ير مثله في جوف الليل فذهب بهم، وبلغ الخليفة فسري عنه وخلع على المنجّم.
  ذكرت قول صناجة الروح شاعر الحاكم يعلّل زلزلة كانت بمصر في خلافته، وإن لم يكن من هذا، والشيء بالشيء يذكر:
  بالحاكم العدل أضحى الدين معتليا ... نجل العلى وسليل السادة الصلحا
  ما زلزلت مصر من كيد يراد بها ... وإنما رقصت من عدله فرحا
  وقال شرف الدين التيفاشي(١) عقب زلزلة دامت:
  أما ترى الأرض في زلزالها عجبا ... تدعو إلى طاعة الرحمن كل تقي
  أضحت كوالدة خرقاء مرضعة ... أولادها درّ ثدي حافل غدق
  قد مهّدتهم مهادا غير مضطرب ... وأفرشتهم فراشا غير ما قلق
(١) هو أبو العباس القاضي شرف الدين أحمد بن يوسف بن أحمد التيفاشي القيسي. عالم أديب، طبيب، شاعر، كاتب، له مشاركة في بعض العلوم الأخرى.. قدم الديار المصرية للتحصيل، ثم رجع إلى بلاده (تيفاش)، وولي قضائها، ثم عاد إلى مصر والشام. توفي بالقاهرة سنة ٦٥١ هـ.
من آثاره الكثيرة: رجوع الشيخ إلى صباه في جزئين، وقد ترجمه ابن كمال باشا بإشارة من السلطان سليم العثماني، وأزهار الأفكار في جواهر الأحجار، والوافي في الطب الشافي، وفصل الخطاب ونزهة الألباب.
ترجمته في: الكنى والألقاب ٢/ ١١٦، كشف الظنون / ٧٢ و ٨٣٥ و ٩٧٩ و ١٠٥٥، وإيضاح المكنون ١/ ٥٤٩، وهدية العارفين ١/ ٩٤، أنوار الربيع ١ / هـ ٢٢.