[18] ومن الخلفاء المتشيعين ممن يذكر في هذا
  ولما انتبهنا للخيال الذي سرى ... إذ الدار قفرا والمزار بعيد
  ثم أرتجّ عليّ فمن أجازه فله الجائزة فقلت بديها:
  فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي ... لعلّ خيالا طارقا سيعود
  فغاب الخادم ساعة وجاء وقال: يقول لك أمير المؤمنين أحسنت، وقد أمر لك بجائزة(١).
  وقال أبو الفرج الأصبهاني: كان المعتضد باللّه مجيدا في صناعة الغناء عجيبا في ذلك، ولا سيما في قول دريد بن الصمّة(٢):
  يا ليتني فيها جذع ... أخبّ فيها وأضع(٣)
  أقود وطفاء الربع ... كأنني شاة صدع
  فإنه صنع فيه لحنا جمع فيه النغم العشر على قصير العروض فجاء بما أناف على المتقدمين.
  قال: ومن نادر صنعة المعتضد في قول إبراهيم بن العباس الصولي(٤):
  أناة فإن لم تغن عقّب بعدها ... وعيدا، فإن لم يغن أغنت عزائمه(٥)
  وكان المعتضد مشغوفا بغلامه بدر، وقال وزيره القاسم بن عبيد اللّه بن سليمان بن وهب، قال لي المعتضد: ألا تعاتب بدرا فيما لا يزال يستعمله من التخرّق في النفقات والزيادات في الصلات، وجعل يؤكد عليّ القول في ذلك فلم أقم من مجلسه حتى دخل عليه بدر فجعل يستأمره في إطلاقات مسرفة ونفقات واسعة، وصلات خارقة، وهو يأذن له في كل ذلك، فلما خرج رأى في وجهي إنكارا لما فعل بعد كلامه لي، فقال لي: قد عرفت ما في نفسك وإنّي وإياه كما قال الشاعر:
  في وجهه شافع تمحو إساءته ... من القلوب وجيه حيث ما شفعا
(١) وفيات الأعيان ٢/ ١٠٨.
(٢) مرّت ترجمته بهامش سابق.
(٣) الأغاني ١٠/ ٤٨.
(٤) ترجمه المؤلف برقم ١.
(٥) الأغاني ١٠/ ٥٠.