نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[19] أبو العلاء، أحمد بن عبد الله بن سليمان

صفحة 270 - الجزء 1

  أحدا من أهل بلدي، فدخل المسجد بعض جيراننا للصلاة فرأيته وعرفته، فتغيّرت من الفرح، فقال أبو العلاء: أي شيء أصابك؟ فحكيت له، فقال لي: قم فكلّمه، فقلت: حتى أتم المسألة، فقال: قم وأنا انتظرك. فقمت وكلّمته بلسان الأذربيجية شيئا كثيرا، إلى أن سألت عن كل ما أردت، فلما رجعت وقفت بين يديه، فقال: قل لي: أي لسان هذا؟ قلت: لسان آذربيجان، فقال لي: ما عرفت اللسان ولا فهمته غير أني حفظت ما قلتما، ثم أعاد عليّ اللفظ بعينه من غير أن ينقص منه أو يزيد عليه، فتعجبت غاية العجب من كونه حفظ من سرّه ما لم يعلمه.

  وقال الشيخ كمال الدين بن الزملكاني الدمشقي في حقه: هو جوهرة جاءت إلى الوجود، ثم ذهبت.

  وقال الحافظ أبو الطاهر السلفي: ومما يدلّ على صحة عقيدته ما سمعت الخطيب حامد بن بختيار النميري يحدثّ بالسمسمانية مدينة بالخابور قال: سمعت القاضي أبا المهلب عبد المنعم بن السروجي يقول: سمعت أخي القاضي أبا لفتح يقول: دخلت على أبي العلاء التنوخي بالمعرّة ذات يوم وقت صلاة بغير علم منه، وكنت أتردد إليه وأقرأ عليه، فسمعته ينشد من قوله:

  كم غودرت غادة كعاب ... وعمّرت أمّها العجوز

  أحرزها الوالدان خوفا ... والقبر حرز لها حريز

  يجوز أن تبطئ المنايا ... والخلد في الدهر لا يجوز

  ثم تأوّه مرّات، وتلى: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ}⁣(⁣١) ثم صاح وبكى بكاء شديدا وطرح وجهه على الأرض زمانا ثم رفع رأسه ومسح وجهه وقال: سبحان من تكلّم بهذا في القدم، فقلت: يا سيدي أرى وجهك أثار غيضا، فقال: يا أبا الفتح أنشدت شيئا من كلام الخالق فلحقني ما ترى، فتحققت صحة دينه وقوّة يقينه.

  وعن أبي اليسر المعرّي: أن أبا العلاء كان يرمى من أهل الحسد له


(١) سورة هود: الآيات ١٠٣ - ١٠٥.