[19] أبو العلاء، أحمد بن عبد الله بن سليمان
  أسلموه إلى اليهود وقالوا: ... إنّهم بعد قتله صلبوه
  فإذا كان ما يقولون حقّا ... فاسألوهم في أين كان أبوه؟
  وإذا كان راضيا بقضاهم ... فاشكروهم لأجل ما عذبّوه
  وإذا كان ساخطا بأذاهم ... فاعبدوهم لأنّهم غلبوه(١)
  وله القصيدة السائرة المشهورة البديعة وهي:
  ألا في سبيل المجد ما أنا فاعل ... عفاف وإقدام وحزم ونائل
  أعندي، وقد مارست كلّ فضيلة، ... يصدّق واش أو يخيّب سائل
  أقلّ صدودي أنني لك مبغض ... وأيسر هجري أنني عنك راحل
  إذا هبّت النكباء بيني وبينكم، ... فأهون شيء ما تقول العواذل
  تعدّ ذنوبي عند قومي، كثيرة ... ولا ذنب لي إلّا العلى والفواضل
  كأنّي إذا طلت الزّمان وأهله ... رجعت وعندي للأنام طوائل
  وقد سار ذكري في البلاد فمن لهم ... بإخفاء شمس ضوؤها متكامل؟
  يهمّ الليالي بعض ما أنا مضمر ... ويثقل رضوى دون ما أنا حامل(٢)
  وإني، وإن كنت الأخير زمانه، ... لآت بما لم تستطعه الأوائل
  واغدو، ولو أنّ الصباح صوارم، ... وأسري، ولو أن الظلام جحافل
  وإني جواد لم يحلّ لجامه، ... ونضو يمان أغفلته الصّياقل(٣)
  وإن كان في لبس الفتى شرف له، ... فما السيف إلّا غمده والحمائل
  ولي منطق لم يرض لي كنه منزلي، ... على أنّني فوق السّماكين نازل(٤)
  لدى منزل يشتاقه كلّ سيّد ... ويقصر عن إدراكه المتناول
  ولما رأيت الجهل في الناس فاشيا ... تجاهلت حتى ظنّ أني جاهل
  فوا عجبا، كم يدّعي الفضل ناقص، ... ووا أسفا، كم يظهر النقص فاضل
  وكيف تنام الطير في وكناتها، ... وقد نصبت للفرقدين الحبائل(٥)؟
(١) ديوانه «لزوم ما لا يلزم» ٢/ ٦٠٩.
(٢) رضوى: جبل بالمدينة.
(٣) النضو: السهم الذي رمي به حتى بلي وفسد. الصياقل: جمع صيقل وهو شحاذ السيوف وجلاؤها.
(٤) الكنة: جوهر الشيء.
(٥) الوكنات: جمع الوكنة وهو عش الطائر في جبل أو جدار. الحبائل: جمع حبالة وهو المصيدة.