[21] القاضي الخطيب شهاب الدين، أحمد بن
  أدام اللّه له ما منحه، ولا أقول يزيده لأنه قد بلغ السماك واجتنى من زهر المنظوم والمنثور ما يريده، وأبى أن تحيى إلّا بالجوهر لأنه البحر، وأن يفيض به كل كاشح حتى يملأ بصدره السحر، وسرّني بما حباني لولا الإساءة بتكليف الجواب، وأنّى للسكيت بحلبة الأدب مجاراة الجياد العراب وابن اللبون إذا ما لزّ في قرن، لم يستطع صولة البزّل القناعيس، وكنت قد امتثلت رسمه الماضي، الذي له جدد، فاستأنفت الإعارة له والفوز كاسمه أحمد، وضارعت بالفعل الحديث ذلك الماضي، وأعوذ بكماله أن أخالف حكم القاضي على أني وجهت ركائب فكري إلى نقاد الجوهر، وما أدري ما يقول وشعري وإن شمّر على الأقران فهو عندي كثير الفضول، وأما المرسل إليه فشعره أشاب الوليد من حسده، وعرّى بمعانيه أبو العلاء فهو المعرّى، ولما قابل هذا الذهب جسده وصيّر بغيضا إلى أهل الذوق محاسن شعر حبيب وعزله وهو والي، وهذا شيء عجيب.
  وكتب لي وقد رأى مسوّدة هذا الكتاب: عليه هبّت نسمة السحر ففتحت من الورد في أكمام حلل الرياض الفقر، وتعطّرت أذيالها لما أنبت أنّ مؤلفها المحسن فيما رقم، وشابهت النسيم الحقيقية في الطيب واللطف وحاشاها من السقم، فنسيم الأسحار بجنبها(١) عليلة، وأذيالها من مدائح الندى حسرة على ما فاتها من بطنها بليلة، عين اللّه عليها من كلمات أخمل وجودها ذكر ما تقدمها من التأليف، ودلّت على أن مصنفها مهر في علم الأدب وقوى فيه، وأثبت على أن مرصّعها أذعنت له بحور الشعر وقوافيه، فهي نسيم سرت من مدارها في الأسحار، وتأليف نفث عن قراطيسه بالأسحار، وأزهار سقيت من غمام مؤلفها بندى وحلل موّشاة ما ذهب العمر في نسج لحمها شذا أندى على الأكباد من
= ترجمته في:
النجوم الزاهرة ٦: ١٥٦، وفيات الأعيان ٣/ ١٥٨ - ١٦٣، وخطط مبارك ٦: ١٢، وكتاب الروضتين ٢: ٢٤١، والكتبخانة ٤: ٢٩٠ و Brock. S. I: ٥٤٩، والنعيمي ١: ٩٠، والنويري ٨: ١ - ٥١ والسبكي ٤: ٢٥٣، وخريدة القصر: قسم شعراء مصر ١: ٣٥، وهو فيه «عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن الحسن بن أحمد البيساني»، وفي هامش الصفحة نفسها: كان أبوه يلي قضاء بيسان في فلسطين فنسب إليها، وفي كشف الظنون ٢: ١٠١٦ «سيرة الملك المنصور قلاوون للقاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني» وهو خطأ، فالقاضي الفاضل توفي قبل مولد قلاوون بربع قرن، وإنما الكتاب من تأليف شافع بن علي العسقلاني، أنظر ترجمته، الإعلام ط ٤/ ٣ / ٣٤٦.
(١) في هامش الأصل: «بحبّها».