[21] القاضي الخطيب شهاب الدين، أحمد بن
  لا يخفى حسن هذه الأبيات وتمامها ورقّتها وعذوبتها، وما تضمنته من التورية العذبة في عدّة مواضع، وأما السجع فلو لم يطرب إلّا بقوله: فهي نسمة سرت من مدادها في الأسحار، لقد هزّ به العطف وحار بليله اللطف كيف وجميعها لؤلؤ متسّق، وزهر في النضار متّفق.
  وله من قصيدة كتبها إلى الأديب شعبان بن سليم(١) ورأيتها بخطه:
  أروضة قد أمالت ورقها القضبا ... أم كأس خمر دنان وصّف الحببا
  أم النسيم سرى بالطيب بارده ... أم غادة سفرت لي في نظير قبا
  جاءت على فترة من رسل موعدها ... وطالما منحتني في الهوى غضبا
  فأدهشتني في وصفي محاسنها ... وبت صبا لا يقنط(٢) الهوى عربا
  وصار قلبي كقرط فوق طلبتها ... من المسرّة والأشواق مضطربا
  الحجر ظل وقد أبدت لنا قمرا ... والنمل في كفّها للعاشقين سبا
  وخالها في شقيق الخد عن قبلي ... إذ عمّه الحسن ما بين الملاح أبا
  وصدرها عندما أبدت محاسنه ... فضيّ لون به عقل الشجي ذهبا
  وثغرها مثل عقد فوق لبّتها ... حكى نظام فريد العصر في الأدبا
  ما جاءنا وصفه من قبل رؤيته ... بما يطيب فأوسعنا له الطلبا
  ما أحسن التوجيه بأربع سور من القرآن الكريم.
  ومن هذه المادة قول السراج الورّاق(٣):
  كل قلب عليّ كالصخر ملآ ... ن وهيهات أن تلين الصخور
  يغلق الباب ما تلا سورة الفت ... ح وقاف من دونه والطور
  وقول علي بن مليك الحموي:
  ألا يا بني (الروم) القتال فدونكم ... فانّا تدرّعنا (الحديد) إلى (الحشر)
  ولا زال آي (الفتح) تتلو رماحنا ... وأسيافنا تتلو لنا سورة (النصر)
(١) ترجمه المؤلف برقم ٨٥.
(٢) هكذا في الأصل.
(٣) مرّت ترجمته بهامش سابق.