[24] القاضي الكاتب المنشيء، أبو يحيى، أحمد
  ثم كتب والدي بعد ذلك بخطّه: وحفظت منه من النصائح والحكم والمواعظ ما لا أحصيه، ولم يخل لي موقف عنه من حكمة أو موعظة أو نصيحة.
  ونقلت من خط والدي رحمة اللّه عليه وبركاته على بعض كتبه: أخبرني شيخنا القاضي العلامة أحمد بن سعد الدين بن الحسين المسوري، أنه كان بزبيد من الشيعة في تأريخ السبعمائة والثمانمائة من سني الهجرة خلق كثير، قال: وكان منهم صانع فخار أديب(١)، إذا أكمل الإناء وكتب عليه من شعره على لسانه، أما قوله:
  إسألوني عن الجحيم فإني ... كنت من أهلها ومن ساكنيها
  ما رأيت العذاب إلّا على من ... منع الطهر إرثها من أبيها
  وأمّا قوله:
  أنا عبد لحيدره ... والصبيين والمرة
  لعن اللّه ظالما ... عرف الحق فأنكره
  وأخذ على القاضي عدّة من الناس صاروا بعد ذلك مشاهيرا يشار إليهم، ووقع الاتفاق على فضله وعلمه وزهده وغزارة مادّته في العلوم وفصاحته في الرسائل.
  وأما شعره فإنه لا يعجبني، بل هو شعر عالم.
  وله مصنّفات رسائل، كاختصار جلاء الأبصار تأليف الحاكم أبي سعد الخراساني المعتزلي البيهقي.
  وسمعت أنه امتدح رسول اللّه ÷ بقصيدة وأرسلها مع الزوّار، ولما أدخلت إلى الشبّاك انجذبت إلى قريب القبر الشريف، ذكر ذلك بعض العلماء الأثبات.
  ومن شعره هنأ بعض الرؤساء بهزيمة عسكر الروم:
  كذا وأبيك تقتنص المعالي ... وتنتج للّذي صبر الليالي
  ويثمر غرس من بذرت يداه ... سيوف الهند والقضب العوالي
  ويحرز كل خصل ذو هموم ... يسابقها إلى أسنى الخصال
  يضمّر خيله ليحوز جنّات(٢) ... عدن لا إلى ذات الأصال
(١) في هامش ب: «وكان اسمه عمر».
(٢) كذا في الأصل.