[24] القاضي الكاتب المنشيء، أبو يحيى، أحمد
  ومن يقد الجيوش إلى عداه ... ينل ما ليس يخطره ببال
  ومن يخرج إلى الرحمن تفقد ... له الأعداء كرها والموالي
  كمثل أبي محمد المؤدي ... بهمّته فريضة ذي الجلال
  فريد ساد عزمة هاشمي ... يزلزل خوفها أرض الجبال
  وله قصيدة طويلة على وزن قصيدة أبي حامد الأنطاكي(١) ورويّها، وقد مضت الإشارة إليه، وأول أبيات القاضي:
  كل يوم على الأعادي إغاره ... بسحاب على العدا مطّاره
  وشعره إذا جمع يدخل في مجلدين، وغالبه في الإلهيات والزهد، وأمثاله، ورثى المنصور والمؤيد وغيرهما، ولما مات لم يخدم الدولة مثله ولا من يقاربه، وكانت له أجوبة نادرة.
  سمعت أن فاضلا قدم من البحرين وكان يعرف علم الفلك، فسأل القاضي عن مسائل فيه، فقال: أنا مشغول في الأرض، فليس لي عهد بالسماء.
  ومثل ذلك ما حكي: إن سائلا سأل بعض العلماء عن مسافة ما بين المشرق والمغرب فقال يوم الشمس، وقد ينسب الجواب الأخير إلى مولانا أبي الحسن علي بن أبي طالب #، فإنه ثبت عنه، فهو مثل قوله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ}(٢).
  نوع من البديع يسمى تلقي السائل بغير ما يترقب وإلّا فهذه أجوبة إقناعية تستملح، والانصاف غيرها.
  واجتمع به رجل قد قرأ الأدب بصنعاء فقال له أثناء حديثه، ومما حقّقته مسألة أشياء هل هي لفعا(٣) أو فعلا، وأراد جواب القاضي فقال: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ}(٤) وهذا جواب وقع لغيره، وإنّما استشهد به.
  قلت: ومن هذه الأجوبة النادرة ما حكى الصفدي: أن جماعة من النحويين
(١) ترجمه المؤلف برقم ٧.
(٢) سورة البقرة: الآية ١٨٩.
(٣) هكذا في الأصل.
(٤) سورة المائدة: الآية ١٠١.