نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[26] الفقيه، أحمد بن محمد الحجازي الأصل،

صفحة 323 - الجزء 1

  وعريب رطبة الشّفرين ... قد نيكت ضروبا⁣(⁣١)

  إذهب فخذ ما رهنت عليه، ثم ألقت السجف⁣(⁣٢)، فعلمنا إنها عريب، فهربنا خوفا لمكروه ينالنا من الغلمان⁣(⁣٣). وقالت لمن سألها: أي الرجال أحبّ إليك، شرطي أير صلب ونهكة⁣(⁣٤) طيبة، وإن انضاف إلى ذلك جمال زاد قدره عندي، وإلّا فهذان لا بد منهما⁣(⁣٥).

  وعتب المأمون عليها فهجرها ثم مرضت فعادها فقال لها: كيف وجدت طعم الهجر، فقالت: لولا مرارة الهجر لم تعرف حلاوة الوصل، ومن ذم بدء الغضب حمد عاقبة الرضا، فخرج المأمون إلى ندمائه متعجبّا من بلاغتها وأخبرهم، وقال: لو نعلم كلامها لكان معنى بديعا.

  قلت: المعنى مأخوذ من قول عليّة بنت المهدي:

  إذا لم يكن في الحب سخط ولا رضى ... فأين حلاوات الرسائل والكتب

  وروى الأصبهاني أيضا: إن المأمون اصطبح يوما ومعه عريب وندماؤه، وفيهم محمد بن حامد، فأومأ محمد إليها بقبلة، فاندفعت تغنّي بقول النابغة في كليب:

  رمى ضرع ناب فاستقلّ بطعنة ... كحاشية البرد اليماني المسهّم⁣(⁣٦)

  فقال المأمون: من أومأ منكم إلى عريب بقبلة ليصدقني أو لأضربن عنقه، فقال ابن حامد: أنا، والعفو أقرب للتقوى، قال: قد عفوت، قال: وكيف استدل على ذلك أمير المؤمنين؟ قال: ابتدأت صوتا وهي لا تغنّي ابتداء إلّا لمعنى، وعلمت أنها أجابت من أومأ إليها بطعنة ولم يكن من شرط هذا المعنى إيماء إلّا بقبلة⁣(⁣٧).


(١) رطبة الشفرين: كناية عن كثرة مواقعة الرجال لها.

(٢) السجف: أحد السترين المقرونين بينهما فرجة.

(٣) الأغاني ٢١/ ٧٣ - ٧٤.

(٤) هكذا في الأصل، وفي الأغاني: «نكهة» وهي رائحة الفم.

(٥) الأغاني ٢١/ ٨٤ - ٨٥.

(٦) الناب: الناقة المسنّة، أي أن هذه الطعنة نفذت فأحدثت بضرع ما يشبه النقش المسهّم في البرود اليمنية.

(٧) الأغاني ٢١/ ٨٠ - ٨١.