[28] السيد أبو محمد، إسحاق بن المهدي أحمد بن
  في محمله، فسمع حمامة تنوح وهما بقرب الري عند السحر، فاستأذن الأمير في أبيات عرضت له فأذن له:
  أفي كل يوم غربة وتروح ... أما للنوى من أوبة فتريح
  لقد طلح البين المشب ركائبي ... فهل أرين البين وهو طليح
  وأرّقني بالريّ نوح(١) حمامة ... فنحت وذو الشجو الشديد ينوح
  على إنها ناحت ولم تذر دمعة ... ونحت واذراف الدموع سفوح
  وناحت وفرخاها بحيث تراهما ... ومن دون أفراخي مهامه سيح
  فأجازه عبد اللّه بثلاثين ألف درهم وأذن له بالانصراف إلى أهله وهم بالجزيرة، بعد أن كان لا يفارقه لعلمه باللغة وكتابته وأدبه.
  وذكر الخطيب أبو بكر في تأريخ بغداذ: أنه غاب عن أهله ثلاثين سنة وأن عبد اللّه لما أذن له انصرف فرحا فمات ببغداذ قبل أن يصل إلى أهله(٢).
  وأجاد بدر الدين يوسف بن لؤلؤ الذهبي(٣) في قوله:
  وتنبّهت ذات الجناح بسحرة ... في الواديين فهيّجت أشواقي
  ورقاء قد أخذت فنون الحزن عن ... يعقوب والألحان عن إسحاق
  قامت على ساق تطارحني الهوى ... من دون صحبي في اللوى ورفاقي
  أنّى تباريني جوى وصبابة ... وكآبة وأسى وفيض مآقي
  وأنا الذي أملي الجوى من خاطري ... وهي التي تملي من الأوراق(٤)
  ومن الجيّد في هذه المادّة قول إبراهيم بن المبلّط(٥) من شعراء الريحانة:
(١) في هامش الأصل: «صوت».
(٢) تاريخ بغداد.
(٣) هو بدر الدين يوسف بن لؤلؤ بن عبد اللّه الذهبي. كان شاعرا ماهرا ظريفا، من كبار شعراء الدولة الناصرية. كان مملوكا فاعتقه الأمير بدر الدين صاحب (تل باشر) توفي سنة ٦٨٠ هـ وقد نيف على السبعين سنة.
ترجمته في: النجوم الزاهرة ٧/ ٣٥١، وشذرات الذهب ٥/ ٣٦٩، أنوار الربيع ١ / هـ ٢٧٦.
(٤) ريحانة الألبا ٢/ ١٢٣ - ١٢٤.
(٥) هو برهان الدين إبراهيم بن المبلط. شاعر مصري. قال الخفاجي: كان يجيد نسج المقطفات، ويقصر إذا نظم المطولات. كان شيخ سوق الوراقة بالقاهرة، وكان حيا في سنة ٩٩١ هـ. له ديوان شعر. =