[29] الصاحب أبو القاسم، إسماعيل بن أبي الحسن
  عيون النرجس وتوّردت خدود البنفسج، وفاحت مجامر الأريج، وفتقت فارات النارنج، فأنطقت ألسنة العيدان، وقام خطباء الأوتار، وهبّت رياح الأقداح، ونفقت سوق الأنس، وقام منادي الطرب، وطلعت كواكب الندماء، وامتدت سماء الندى، فبحبوتي إلّا حضرت لنحصل بك في جنّة الخلد، ونتصل بالعقد(١).
  قال الذهبي: كان الصاحب شيعيا جلدا كآل بويه، معتزليا، وكان يقول:
  شاركت الطبراني في إسناده، ويقال إنه قال: من البخاري؟ قال: هو حشري لا يعوّل عليه، وكان ينفذ إلى بغداد في السنة خمسة آلاف دينار تفرّق على الفقهاء والأدباء، وكان يبغض من يميل إلى الفلسفة، ومرض في الأهواز بالإسهال، فكان إذا قام عن الطشت ترك إلى جانبه عشرة دنانير حتى لا يتبرم به الخدم، فكانوا يودّون دوام علّته، ولما عوفي تصدّق بنحو خمسين ألف دينار.
  وله أجوبة نادرة منها: إن الضرابين رفعوا إليه من دار الضرب رقعة يتظلمون فيها وترجموها بالضرابين، فوقّع تحتها: (في حديد بارد)، ويعرف عند البديعيين بالقول بالموجب.
  وكتب إليه إنسان ورقة أغار فيها على رسائله فوقّع فيها: (هذه بضاعتنا ردّت إلينا).
  وتصانيفه متقنة مشهورة منها: «المحيط في علم اللغة»، رتّبه على حروف المعجم، دخل في سبعة مجلدات، وكتاب «الكافي في الرسائل»، «وكتاب الأعياد»، وكتاب «أفاضل النيروز»، وكتاب «الإمامة».
  ومدحه أعيان شعراء وقته ممن يطول عددهم، وكان عبد الصمد بن منصور ابن الحسن بن بابك الشاعر المشهور(٢)، دائما يشتو عند الصاحب ويصيّف
(١) يتيمة الدهر ٣/ ٢٤٤.
(٢) عبد الصمد بن منصور بن الحسن بن بابك، أبو القاسم: شاعر مجيد مكثر. من أهل بغداد. له «ديوان شعر - خ». طاف البلاد، ولقي الرؤساء، ومدحهم، وأجزلوا جائزته. ووفد على الصاحب ابن عباد فقال له: أنت ابن بابك؟ فقال: بل أنا بابك! توفي ببغداد سنة ٤١٠ هـ.
ترجمته في:
وفيات الأعيان ٣/ ١٩٦ - ١٩٨ وسير النبلاء - خ. الطبقة الثانية والعشرون. والنجوم الزاهرة ٤:
٢٤٥، ومعاهد التنصيص ١: ٦٤، ويتيمة الدهر ٣: ٣٣٤، و Brock. S. I: ٤٤٥، وفي مذكرات =