[29] الصاحب أبو القاسم، إسماعيل بن أبي الحسن
  ببغداد، وأعجبني له أبيات وصف بها غيضة أضرمت بها النار ومرّ بها في طريقه إلى الصاحب فقال:
  ومقلة في مجر الشمس مسحبها ... أرعيتها في شباب السدفة الشهبا
  حتى أرتني وعين الشمس فاترة ... وجه الصباح بذل الشمس منتقبا
  وليلة بتّ أشكو الهمّ أولها ... وعدت آخرها استنجد الطربا
  في غيضة من غياض الحزن دانية ... مدّ الظلام على أوراقها طنبا
  تهدى إليها مجاج النار ساكنها ... وكل ما دبّ فيها أثمرت لهبا
  حتى إذا النار طاشت في ذوائبها ... عاد الزمرّد في عيدانها ذهبا
  برقت منها وثغر الصبح مبتسم ... إلى أغرّ يرى المذخور ما وهبا
  ويذكره، ذكرت قوله الجيّد أيضا:
  أجبته أسود العينين والشعره ... في عينه عدة الموصول منتظره
  لدن المقلد مخطوف الحشا ثملا ... رخص العظام أشمّ الأنف والقطرة
  الظبي لفتته، والغصن ميلته، ... والروض وجنته، والرمل ما ستره
  تكاد عيني إذا خاضت محاسنه ... إليه تشربه من رقّة البشره
  حتى إذا قلت قد أمللتها شرهت ... شوقا إليه وفي عين المحب شره
  * * *
  ونعود إلى تمام أخبار الصاحب:
  وذكر الثعالبي: إن الصاحب وجد خفّة في مرض موته، فأذن للناس ونهى وأمر ووقّع في الرقاع ثم أنشد:
  كلامنا من غرر ... وعيشنا من غرر
  إني وحقّ خالقي ... على جناح السّفر(١)
  وأما شعره في التشيّع وذكر المذهب فكثير، تضمّنه ديوانه وهو مشهور بذلك.
= الميمني - خ: ديوان ابن بابك، جزآن في الرقم ١٧٥٤ خزانة لا له لي باستنبول. نسخة نادرة ملوكية والإعلام ط ٤/ ٤ / ١١.
(١) يتيمة الدهر ٣/ ٢٢٠.