[29] الصاحب أبو القاسم، إسماعيل بن أبي الحسن
  وذكر أبو الحسين، محمد بن الحسين فارس النحوي(١): إن نوح بن منصور الساماني سلطان ما وراء النهر وخراسان كتب إلى الصاحب رقعة في السرّ يستدعيه إليه ليفوّض وزارته وتدبير ملكه إليه، وكان مما اعتذر به أنه يحتاج لنقل كتبه خاصة أربعمائة جمل فما الظن بما يليق به من التجمل(٢).
  وكانت ولادته لأربع عشر ليلة بقيت من ذي القعدة سنة ست وعشرين وثلاثمائة بمدينة أصطخر، وقيل بالطالقان(٣).
  وتوفي ليلة الجمعة الرابع والعشرون من شهر صفر سنة خمس وثمانين وثلاثمائة بالري، ثم نقل إلى أصفهان، ¦، ودفن في باب دريه في قبة(٤)، فلما مات أمر فخر الدولة فأغلقت له مدينة الري، واجتمع الناس على باب قصره ينتظرون خروج جنازته، وحضر السلطان فخر الدولة وسائر القوّاد وقد غيّروا لباسهم، فلما خرجت جنازته صاح الناس بأجمعهم صيحة واحدة، وقبّلوا الأرض، ومشى فخر الدولة أمام الجنازة مع الناس، وقعد للعزاء أياما(٥)، ورثاه الشعراء جميعهم ببلاد العجم وبلاد العراق، ومنهم الشريف الرضي.
  وما أحسن قول أبي سعيد الرّستميّ فيه [من الطويل]:
  أبعد ابن عبّاد يهشّ إلى السرى ... أخو أمل أو يستماح جواد
  أبى اللّه إلّا أن يموتا بموته ... فمالهما حتى المعاد معاد(٦)
  والظاهر أن مصابه عمّ الجن مع الأنس، فإن أبا القاسم غانم بم [أبي] العلاء الأصبهاني قال: رأيت في المنام قائلا يقول: لم لا ترثي الصاحب مع فضلك وأدبك، قلت: ألجمتني كثرة محاسنه فلم أدر بما أبدء منها وخفت أن أقصّر، وقد ظنّ بي الاستيفاء، فقال: أجز ما أقول، قلت: هات.
(١) مرّت ترجمته بهامش سابق.
(٢) وفيات الأعيان ١/ ٢٣١.
(٣) وفيات الأعيان ١/ ٢٣١.
(٤) وفيات الأعيان ١/ ٢٣١.
(٥) وفيات الأعيان ١/ ٢٣٢.
(٦) يتيمة الدهر ٣/ ٢٨٠، وفيات الأعيان ١/ ٢٣٢.