[33] أبو الوليد، أشجع بن عمرو السلمي، الشاعر
  ولا يرفع الناس من حطّه ... ولا يضعون الذي يرفع
  يريد الملوك مدى جعفر ... ولا يصنعون الذي يصنع
  وليس بأوسعهم في الغنى ... ولكنّ معروفة أوسع
  تلوذ الملوك بآرائه ... إذا نالها الحدث الأفظع
  بديهته مثل تدبيره ... متى رمته فهو مستجمع
  وكم قائل إذ رأى ثروتي ... وما في فضول الغنى أصنع:
  غدا في ظلال ندى جعفر ... يجرّ ذيول الغنى أشجع
  فقل لخراسان تحيا فقد ... أتاها ابن يحيى الفتى الأروع
  فلما فرغ طرب جعفر وجعل يخاطبه مخاطبة الأخ وأمر له بألف دينار(١).
  ثم بدا للرشيد في ذلك التدبير، فعزل جعفر عن خراسان بعد ما كتب له بولايتها، فوهم جعفر فدخل عليه أشجع فأنشده:
  أمست خراسان تعزّى بما ... أخطأها من جعفر المرتجى
  كان الرشيد المعتلى أمره ... ولّى عليها المشرق الأبلجا
  ثم أراه رأيه أنّه ... أمسى إليه منهم أحوجا
  فكم به الرّحمن من كربة ... في مدّة تقصر قد فرّجا
  فضحك جعفر ثم قال: لقد هوّنت عليّ العزل، وقمت لأمير المؤمنين بالعذر، ثم أمر له بألف دينار أخرى(٢).
  وقال أشجع: دخلت على محمد الأمين(٣) حين أجلس مجلس التعليم
(١) الأغاني ١٨/ ٢٣٣ - ٢٣٤، الشعراء المحدثين ٨٢ - ٨٣.
(٢) الأغاني ١٨/ ٢٣٤، الشعراء المحدثين ٨٧.
(٣) محمد الأمين بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور: خليفة عباسي. ولد في رصافة بغداد سنة ١٧٠ هـ. وبويع بالخلافة بعد وفاة أبيه (سنة ١٩٣ هـ) بعهد منه، فولى أخاه المأمون خراسان وأطرافها. وكان المأمون ولي العهد من بعده. فلما كانت سنة ١٩٥ أعلن الأمين خلع أخيه المأمون من ولاية العهد، فنادى المأمون بخلع الأمين في خراسان، وتسمى بأمير المؤمنين.
وجهز الأمين وزيره «ابن ماهان» لحربه، وجهز المأمون طاهر بن الحسين، فالتقى الجيشان، فقتل ابن ماهان وانهزم جيش الأمين، فتتبعه طاهر بن الحسين وحاصر بغداد حصارا طويلا انتهى بقتل الأمين: قتل بالسيف، بمدينة السلام سنة ١٩٨ هـ، وكان الذي ضرب عنقه مولى لطاهر، بأمره.
وكان أبيض طويلا سمينا، جميل الصورة، شجاعا، أديبا، رقيق الشعر، مكثرا من إنفاق الأموال، سيئ التدبير، يؤخذ عليه انصرافه إلى اللهو ومجالسة الندماء. =