[33] أبو الوليد، أشجع بن عمرو السلمي، الشاعر
  أخيه الحسن لذلك ففعل، واجتمعا بحضرته، فجعل الحسن يعظم ذلك عليه ويعرّفه ما في اخراج الأمر من أهله عليه، فقال له: إني عاهدت اللّه أن اخرجها إلى آل أبي طالب إن ظفرت بالمخلوع(١)، وما أعلم أحدا أفضل من هذا الرجل فاجتمعا معه على ما أراد فأرسلهما إلى الرضا # فعرضا ذلك عليه، فلم يزالا به وهو يأبي ذلك ويمتنع منه إلى أن قال له أحدهما: إن فعلت، وإلّا فعلنا بك وصنعنا وتهدّده ثم قال له: واللّه لو أمرني بضرب عنقك لفعلت إذا لم تفعل ما يريد.
  ثم دعا به المأمون فخاطبه في ذلك فامتنع، فقال قولا شبيها بالتهدّد وقال له: إن عمر جعل الأمر شورى في ستة أحدهم أبوك وقال: من خالف فاضربوا عنقه، ولا بد من قبول ذلك.
  فأجابه الرضا إلى ما التمس، ثم جلس المأمون في يوم خميس، وخرج الفضل بن سهل فأعلم الناس بفعل المأمون في الرضا، وأنّه ولّاه عهده، ولقبه الرضا، وأمرهم بلبس الخضرة والعود لبيعته في الخميس الآخر على أن يأخذوا رزق سنة.
  فلما كان الخميس ركب الجيش والقوّاد والقضاة وغيرهم من الناس في الخضرة، وجلس المأمون فوضع للرضا وسادتان عظيمتان حتى لحق بمجلسه وفرشه، جلس الرضا عليهما في الخضرة وعليه عمامة وسيف، ثم أمر ابنه العباس بن المأمون فبايع له أول الناس، فرفع الرضا يده وتلقى بظهرها وجه نفسه وببطنها وجوههم.
  فقال له المأمون: إبسط يدك للبيعة.
  فقال الرضا: إن رسول اللّه ÷ هكذا كان يبايع، فبايعه الناس، ووضعت البدر(٢)، وقامت الخطباء والشعراء فجعلوا يذكرون فضل علي بن موسى وحسن رأي المأمون.
= ترجمته في:
وفيات الأعيان ٤/ ٤١ - ٤٢ والوزراء والكتاب: أنظر فهرسته. والمرزباني ٣١٣ والكامل لابن الأثير ٦: ٨٥ و ١١٨ وتاريخ بغداد ١٢: ٣٣٩ واللباب ١: ٤٤٥ وفيه التنبيه إلى أن السمعاني، في الأنساب، تكلم عن الحسن ابن سهل وهو يعني أخاه الفضل، الإعلام ط ٧/ ٥ / ١٤٩.
(١) المخلوع: هو محمد بن هارون الرشيد.
(٢) البدر: جمع بدره، وهي عشرة آلاف درهم «الصحاح - بدر ٢/ ٥٨٧».