[33] أبو الوليد، أشجع بن عمرو السلمي، الشاعر
  قبّل عني ضريح مولاي وقل ... قد مات بها من الشوق إليك
  قلت: وإنما امتنع الرضا من قبول عهد الخلافة حتى أكره لأنه قال للمأمون:
  إن الجفر والجامعة دلّت على أنه لا يتم ما أردتم، وأجابه تقيّة، ويجوز أن المأمون أبرّ بيمينه كما ذكر ثم ندم فسمّه، وقيل: إن الفضل بن سهل حسّن له ذلك، ولذا قتل غيلة بسرخس كما تقدم، مع تشيّع كان في المأمون مشهور، ولكن الملك عقيم، وأراد إرغام عمّه إبراهيم بن المهدي فإنه كان ناصبيا يعيب المأمون بالتشيّع، ولما بايع المأمون للرضا خلعه إبراهيم ببغداد ودعى لنفسه وتلقّب بالمبارك، وقال إبراهيم يوما للمأمون: إني رأيت عليا في منامي، فقلت له: إنما تدّعون هذا الأمر بامرأة ونحن أحقّ به منكم. فما رأيت له بلاغة في جوابه كما يروى عنه، قال: فما أجابك به؟ قال: سلاما سلاما. قال المأمون: اللّه أكبر قد واللّه أجابك بأبلغ جواب، وعلم إنك جاهل لا تناظر، قال اللّه تعالى: {وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً}(١) فتغيّر إبراهيم وقال: ليتني لم أخبرك.
  وقالت أسماء بنت المهدي قلت لأخي إبراهيم: أما واللّه أشتهي أن أسمع غناءك، قال: إذا واللّه لا تسمعين مثله عليّ وعلي وأغلظ في اليمين إن لم يكن إبليس ظهر لي وعلمني النفر والنغم وصافحني وقال: إذهب فأنت مني وأنا منك.
  وقال دعبل فيه:
  يا معشر الأجناد لا تقنطوا ... وارضوا بما كان ولا تسخطوا
  فسوف تعطون حنينية ... يلتذها الأمرد والأشمط
  والمعبديات لقوّادكم ... لا تدخل الكيس ولا تربط
  وهكذا يرزق قوّاده ... خليفة مصحفه البربط
  الحنينيات: أصوات من الغناء منسوبة إلى حنين النجفي العبادي المغني المشهور.
  والمعبديات: إلى معبد.
  وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي: بويع إبراهيم ببغداد، وقد قلّ المال عنده وكان قد لجأ إليه أعراب من أعراب السواد وغيرهم من أوغاد الناس
(١) سورة الفرقان: الآية ٦٣.