[39] أبو يحيى، تميم بن المعز بن باديس بن
  بلغنا الياسرية وهي قرية ليس بينها وبين بغداد إلّا بسايس متصلة يبيت بها الناس ثم يبكرون لدخول بغداد، فبتنا بها، فلما كان نصف الليل أتتنا السوداء وهي مرتاعة فقالت: إن سيدتي ليست هنا، فقمت ومن معي فطلبناها بكل مكان نقدر عليه فلم نعرف لها أثرا، ثم دخلنا إلى بغداد فقضيت حوائجي وسافرت إلى القيروان، وأخبرت الأمير تميم بما جرى فتأسف عليها غاية الأسف، وكثر تعجّبه من فعلها(١).
  وكان الأمير تميم يجز الجوائز السنية ويجزل العطايا، وفي أيام مملكته اجتاز المهدي بن تومرت الهرعي عائدا من بلاد المشرق ومرّ بأفريقية وأظهر الإنكار بها على من رآه خارجا عن سنن الشريعة، ثم توجّه إلى مراكش فكان منه ما اشتهر(٢).
  وكانت ولادة الأمير تميم بالمنصورة التي مرّ ذكرها في ذكر المنصور واسمها عندهم صبرة يوم الاثنين ثالث عشر رجب سنة اثنين وعشرين وأربعمائة وفوّض إليه أبوه بالولاية المهديّة في صفر سنة خمس وأربعين فاستبدّ بالملك إلى أن توفي ليلة السبت النصف من رجب سنة إحدى وخمسمائة، ¦ ودفن في داره ثم نقل إلى قصره المشيّد بالمنشتر(٣).
  وقال ابن خلكان: ذكر حفيده عبد العزيز بن محمد بن شداد بن الأمير تميم في كتاب «أخبار القيروان»، أنه خلف من البنين أكثر من المائة، ومن البنات ستين(٤).
  قلت: ذكر الأمير تميم في أدباء الشيعة لما علم إنهم كانوا إسماعيلية، وتشيّعهم مشهور عند النقّاد، فأما بلكين ومن بين الأمير تميم وبينه فلا ريب في ثباتهم على مذهب المعزّ وآبائه، وأما الأمير غير، فإني رأيت بعض المتجرين في
(١) وفيات الأعيان ٥/ ٣٣٧ - ٣٣٩.
(٢) الوفيات ١/ ٣٠٥.
(٣) في الوفيات: «بالمستير».
(٤) وفيات الأعيان ١/ ٣٠٦.