مرّ بمكان كتب فيه بخطّه ما يليق به، واستقر آخر حاله بحلب في مدرسة عمّرها له الملك الظاهر بن صلاح الدين، وتوفي في العشر الوسطى من شهر رمضان سنة إحدى عشرة وستمائة، واسمه أبو الحسن علي بن بكر الهروي⁣^(⁣١) الأصل، الموصلي المولد، وكان فاضلا يعرف السيمياوية تقدّم عند الظاهر غازي، وألّف كتاب «الإشارات في معرفة الزيارات»⁣^(⁣٢).

  قال القاضي أحمد بن خلكان، ورأيت بخطّه في ميضاء بحلب كتابة فتأملتها فإذا هي بيت المال في بيت الماء⁣^(⁣٣).

  * * *

  ونعود إلى تتمّة أخبار أبي الفضل ومولاه بدر الجمالي، هو شاهنشاه الملقب أمير الجيوش وكان من الرجال المشهورين في الرأي والشهامة وقوّة العزم، وكان من الأرمن، اشتراه جمال الدولة بن عمّار وربّاه، وتقدم نسبه، واستنابه المستنصر باللّه الفاطمي بمدينة صور، وقيل بعكا كانت سنوات الشدّة بمصر التي أشبهت سنيّ يوسف # واختلّت أحوال المستنصر فاستدعاه فركب البحر إليه في غير وقت ركوبه، وذلك في فصل الشتاء، ولما وصل عشيّة الأربعاء

(١) علي بن أبي بكر بن علي الهروي، أبو الحسن: رحالة، مؤرخ. أصله من هراة، ومولده بالموصل. طاف البلاد، وتوفي بحلب سنة ٦١١ هـ. وكان له فيها رباط. قال المنذري: كان يكتب على الحيطان، وقلّما يخلو موضع مشهور من مدينة أو غيرها إلا وفيه خطه، حتى ذكر بعض رؤساء الغزاة البحرية أنهم دخلوا في البحر الملح إلى موضع وجدوا في بره حائطا وعليه خطه. من كتبه «الإشارات إلى معرفة الزيارات - ط» وغيره.

ترجمته في: وفيات الأعيان ٣/ ٣٤٦ - ٣٤٨ والتكملة لوفيات النقلة - خ. الجزء السابع والعشرون. وابن الوردي ٢: ١٣٢ وفيه: «كانت له يد في الشعبذة والسيمياء والحيل، وطاف أكثر المعمور». ونهر الذهب ٢: ٢٩٣ وفيه ما كتبه على قبره يصف نفسه: عاش غريبا ومات وحيدا، لا صديق يرثيه ولا خليل يبكيه، ولا أهل يزورونه ولا إخوان يقصدونه، ولا ولد يطلبه ولا زوجة تندبه، سلكت القفار وطفت الديار وركبت البحار ورأيت الآثار وسافرت البلاد وعاشرت العباد فلم أر صديقا صادقا ولا رفيقا موافقا، فمن قرأ هذا الخط فلا يغتر بأحد قط».

وآداب اللغة ٣: ٨٧ والكتبخانة ٥: ٥٨ ودار الكتب ٦: ٣٢. وفي مذكرات الميمني - خ. ذكر نسخة من كتابه «التذكرة الهروية» بخطه سنة ٦٠٢ في ١٥٥ ورقة، في خزانة عاطف باستنبول، الرقم ٢٠١٨، الاعلام ط ٤/ ٤ / ٢٦٦.

(٢) الوفيات ٣/ ٣٤٧.

(٣) الوفيات ٣/ ٣٤٧.