[41] السيد ضياء الدين، جعفر بن المطهر بن
  لم تطلع وبالبدر لم يسر أو بالبدر ما تبلج في الغياهب، إلّا أنه ذكر ملزوم البدر في أنه لا ينير إلّا في الغيهب كما يقول المنطقي: قد يكون إذا كان الليل موجودا فالبدر مضى في الشرطية الجزئية، وهذا البيت من أبيات كتبتها ولّادة إلى أبي الوليد وهي عنه راضية، وهي:
  ترقّب إذا جنّ الظلام زيارتي ... فإني رأيت الليل أكتم للسرّ
  وبي منك ما لو كان بالنجم لم ينر ... وبالشمس لم تطلع وبالبدر لم يسر
  ومن شعرها وكتبته على كمّها بذهب وقيل على جبينها:
  أنا واللّه أصلح للمعالي ... وأمشي مشيتي وأتيه تيها
  وأمكن عاشقي من صحن خدي ... وأعطي قبلتي من يشتهيها
  وما أحسن هدية (قبيحة) جارية المتوكل جعفر بن المعتصم وكانت مفرطة البياض والحسن والجمال، فسمّاها قبيحة لما اتفقت عن الحسن باسم الضدّ وهي أم المعتز باللّه، وكان المتوكّل افتصد فأهدى إليها جواريه إلطافا، فتزيّنت هي ودخلت عليه وأنشدته:
  طلبت هدية لك باختيار ... على ما كان من جسّ وبسّ
  فلما لم أجد شيئا نفيسا ... يكون هديّتي أهديت نفسي
  والجسّ: الاستقصاء، والبسّ: الرفق.
  ولما حبس ابن جهور، أبا الوليد بسبب قصة طويلة، وخرج من حبسه بحيلة دبّرها وكان قد نحل شوقا إلى تلك الغادة واشتهى أن تحلى محياها قمرا على العادة ولم يمكنه ذلك خرج إلى الزهراء من قرطبة وقد ألبسها الربيع ديباجه، وأذكرته جنانها وجنّتها الوهاجة، وحال كل مائس غضّ قامتها الميّادة، وكل جدول تحت زهر سوارها والقلادة، فحنّ إليها وأنشد وقلبه يذوب عليها:
  إنّي ذكرتك بالزّهراء، مشتاقا، ... والأفق طلق ووجه الأرض قد راقا
  وللنّسيم اعتلال في أصائله، ... كأنما رق لي، فاعتلّ إشفاقا
  والرّوض عن مائه الفضّيّ، مبتسم، ... كما حللت، عن اللّبّات، أطواقا(١)
(١) اللبات، واحدتها لبة: موضع القلادة من الصدر. الأطواق، واحدها طوق: ما يطيف بالعنق من الثوب.