[43] أبو الفضل، جعيفران بن علي بن أصغر بن
  الكذب وتتخوّف مني مكافأتهم، ثم ولّى وهو يقول [من الرجز]:
  لست براض من جهول فعلا ... ولا مجازيه بجهل عقلا(١)
  لكن أرى الصفح لنفسي فضلا ... من يرد الخير يجده سهلا(٢)
  وقال سلمة النحوي: مررت ببغداد، فرأيت قوما مجتمعين فقلت: ما هذا؟
  فقالوا: جعيفران المجنون، فقلت: قل بيتا بنصف درهم. قال: هاته، فأعطيته، فقال:
  لجّ ذا الهمّ واعتلج ... كلّ همّ إلى فرج(٣)
  ثم قال: زدني حتى أزيدك(٤).
  وقال عثمان الكاتب أيضا: مرّ بي جعيفران والصبيان يشتدون خلفه يصيحون به: يا جعيفران يا خرّا في الدار فلما بلغ إليّ وقف، وتفرّقوا عنه فقال:
  يا أبا عبد اللّه:
  رأيت الناس يدعوني ... بمجنون على حالي
  وما بي اليوم من جنّ ... ولا وسواس بلبال(٥)
  ولكن قولهم هذا ... لإفلاسي وإقلالي(٦)
  ولو كنت أخا وفر ... رخيّا ناعم البال
  رأوني حسن الفعل ... أحلّ المنزل العالي
  وما ذاك على خير ... ولكن هيبة المال(٧)
  قال أبو الفرج: وتقدم جعيفران إلى أبي يوسف القاضي الأعور في حكومة شيء كان في يده من وقف، فمنعه منه، فقال: أراني اللّه أيها القاضي عينيك
(١) في هامش الأصل: «جهلا».
(٢) الأغاني ٢٠/ ٢٠٤.
(٣) اعتلج: كثر والتطم.
(٤) الأغاني ٢٠/ ٢٠٥.
(٥) البلبال والبلابل: شدّة الهم والوسواس في الصدور وحديث النفس. قال رسول اللّه ÷: إن أمتي أمة مرحومة لا عذاب عليها في الأخرة، إنما عذابها في الدنيا البلابل والزلازل والفتن.
(٦) الأقلال: الفقر، المقل: الفقير.
(٧) الأغاني ٢٠/ ٢٠٥ - ٢٠٦.