[44] أبو فراس، الحارث بن أبي العلى [سعيد بن]
  وهو راكبه من أعلى الحصن إلى الفرات فنجا سباحة من الأسر الآخر بمنبج في شوال سنة إحدى وخمسين، فحمل إلى قسطنطينية، فأقام في الأسر أربع سنين، وله في الأسر أشعار كثيرة(١)، ذكرنا منها في ترجمة أبي محمد إسحاق بن المهدي(٢) طرفا عند ذكر الحمامة.
  وقال الشيخ صلاح الدين الصفدي في شرح الجهورية: كان ملك الروم أذن للأسرى أن يتزاوروا يوم السبت وهم بالروم بحبسه، فقال أبو فراس:
  جعلوا الالتقاء في كل سبت ... فجعلناه بالكراهة عيدا
  وشركنا اليهود فيه فكدنا ... رغبة أن نزيل عنه اليهودا
  ومن شعره الذي دلّ على إبانة دلالة الزئير على الرئبال، والشرار على الاشتعال:
  علونا جوشنا بأشدّ منه، ... وأثبت، عند مشتجر الرّماح
  بجيش جاش بالفرسان حتى ... حسبت البرّ بحرا من سلاح
  وألسنة من العذبات حمر ... تخاطبنا بأفواه الجراح(٣)
  جوشن هنا: جبل مشهور بأطراف الروم مما يلي الشام، وإنما قيّدته لأني رأيت في حواشي ريحانة شهاب الدين الخفاجي ما يقتضي أن الجوشن الترس، نعم الجوشن الترس في غير شعر أبي فراس. والسياق ظاهر.
  وله في وصف سحابة:
  وسارية لا تملّ البكا ... جرى دمعها في خدود الثّرى
  سرت تقدح الصبح في ليلها ... ببرق كهنديّة تنتضى
  فلما دنت جلجلت في السما ... رعدا أجشّ كصوت الرّحا
  ضمان عليها ارتداغ البقا ... ع بأنوائها واعتجار الرّبى
  فما زال مدمعها باكيا ... على التّرب حتى اكتسى ما اكتسى
  فأضحت سواء وجوه البلاد ... وجنّ النبات بها والتقى
(١) وفيات الأعيان ٢/ ٥٩.
(٢) ترجمه المؤلف برقم ٢٨.
(٣) كاملة في ديوانه ٦٩.