[44] أبو فراس، الحارث بن أبي العلى [سعيد بن]
  وكأس سبقت إلى شربها ... عذولي كذوب عقيق جرى
  يشير بها غصن ناعم ... من البان مغرسه في نقا
  إذا شئت علّمني بالجفو ... ن من مقلة كحّلت بالهوى
  له شعر مثل نسج الدرو ... ع وجفن سقيم إذا مارنا
  ويضحك عن أقحوان الريا ... ض يغسّله بالعشيّ النّدى
  ومصباحنا قمر مشرق ... كترس اللّجين يشقّ الدّجى(١)
  أقول: ما قول أبي فراس ذكر الدروع والأتراس ولا في مثل الغزل لالفة لهما.
  ويعجبني قول الوزير أبي القاسم المغربي الآتي ذكره(٢):
  وكأنما الشمس المنيرة إذ بدت ... والبدر يجنح للغروب وما غرب
  متجاريان لذي مجنّ صاغه ... من فضّة ولنا مجنّ من ذهب
  ونقلت من ديوانه هذه القصيدة المليحة يمدح بها سيف الدولة ويعاتبه وهو بأسر الروم:
  أبيت كأني للصّبابة صاحب، ... وللنّوم، مذ بان الخليط، مجانب
  وما أدّعي أنّ الخطوب تخيفني ... لقد خبرتني بالفراق النّواعب
  ولكنّني ما زلت أرجو وأتّقي ... وجدّ وشيك البين والقلب لاعب
  وما هذه في الحبّ أوّل مرّة ... أساءت إلى قلبي الظّنون الكواذب
  فلا وأبي العشّاق، ما أنا لاعب ... إذا هي لم تلعب بصبري الملاعب
  ومن مذهبي حبّ الدّيار لأهلها، ... وللنّاس فيما يعشقون مذاهب
  عليّ لربع العامريّة وقفة ... تملّ عليّ الشّوق والدّمع كاتب(٣)
  تكاثر لوّامي على ما أصابني ... كأن لم تكن إلّا لأسري النّوائب
  يقولون: لم ينظر عواقب أمره ... ومثلي من تجري عليه العواقب
(١) ريحانة الألبا ٢٠/ ٤٩١ - ٤٩٢، وهي لابن المعتز «أنظر ديوانه ١/ ٣» وفيه: «وقد نسبت لأبي فراس ٢/ ٤٥٧» كما أنها توهم في الريحانة إنها لعلي بن الجهم وهي ليست كذلك.
(٢) ترجمه المؤلف برقم ٥٧.
(٣) العامرية: صفة لامرأة من بني عامر. تمل علي: تملي علي.