[45] السيد العلامة إمام الطريقة، أبو الحسين،
  وهو شاعر مجيد كثير الشعر، سريع البديهة، ومن مشهور شعره هذه القصيدة العينية في اصطلاح العارفين، عارض بها الشيخ أبا علي بن سينا(١):
  لجمال ذاتك في الوجود تطلعي ... ولنيل وصلك في الحياة تطمعي
  ولوجهك الزاهي بحسن جماله ... حجي وتطوافي بذاك المربع
  وإذا استلمت الركن كنت مسلما ... قلبي المتيم للمليك الأرفع
  وإذا سعيت فللصفا نحو الصفا ... وإذا اعتمرت فللجناب الأمنع
  يا من تمنّع أن أراه حقيقة ... اللّه لي من حسنه المتمنع
  أرخى الحجاب ولو تجلى مسفرا ... لا ندكّ طور القلب عند المطلع
  ومحت وجودي ساطعات جماله ... وجه بغير النور لم يتبرقع
  لولاه ما ظهر الأنام ووصفهم ... فوجودهم من جوده فافهم وع
  واعلم بأن الكون معدوم إذا ... لم يرتبط بوجوده المترقع
  إن الكريم له التفرد والبقا ... والانعدام لحادث متقشع
  فإليك أشكو منك فاجعل بغيتي ... كشف الغطاء بغير أمر مفزع
  فالنفس قد حبست بسجن مظلم ... ترجو من السجن الخلاص فأسرع
  والبعد أضرم في الحشا جمر الغضى ... والعين تسقيه بفيض الأدمع
  للّه أيام اللوا اللاتي مضت ... ما كان أطيبها بوادي لعلع
  حيث الحصى در وترب مسيله ... مسك يفوح بنشره المتضوع
  فتبدلت تلك المسرّة ترحة ... لما تناءى عن حماها موضعي
  يا كعبة الشرف التي طافت بها ... تلك النفوس لسرّها المستودع
  جودي على روحي بلطف إفاضة ... لتعود سامعة بما لم تسمع
  فالنفس تطلب عطفة تحيي بها ... أبدا ولا تصغي لروع مروّع
  هذه القصيدة يتبعها ابن سينا وإن كان الرئيس، ويبور نظم ابن لؤلؤ الذهبي في سوق جوهرها النفيس، ولقد عارضه جماعة فكانوا بوادي اللوى وهو بالعذيب، وذلك أن شيخنا المذكور وأبا علي غاصا في بحر محيط بشيء غامض، فإن الرئيس أبا علي ورّى في أبياته بذكر النفس الكليّة السارية أشّعتها في حنادس الأشباح، وشيخنا ورّى بها عن محبوبه واجب الوجود الساري في فيضه في كل
(١) نشر العرف ١/ ٤٧٠ - ٤٧١.