[45] السيد العلامة إمام الطريقة، أبو الحسين،
  وما أعجبني أخذ السيد محمد بن الحسين بن أحمد سيد - الآتي ذكره(١) - هذا المعنى عليّ، وكنت أنشدته إيّاه، فقال بعد ذلك يرثى أخاه:
  قطفت عليّ يد الزمان شقيقي ... فعلام تنكر زفرتي وشهيقي
  وأما صفة استعمال أول بيت قصيدة الرئيس فإنه:
  يا قبرها هنئت شمس ملاحة ... (هبطت إليك من المحلّ الأرفع)
  وهبوط هذه الشمس في شرف حمل المناسبة.
  وكتب إليّ شيخنا الإمام المذكور في أثناء محاورات دارت بيني وبينه: باسم القدوس استفتح أنوار سطعت من مشكاة قواس القلوب، ووجوه لمحت من وراء أستار الغيوب، فألاحت للأبصار والبصائر منهجا غير ذي عوج، وأفاحت لمام الأرواح بنسيم الأسحار أطيب الأرج، فأنشقها النفس الرحماني سرّ ذلك النسيم فارتاحت، ولولا إمساكها بزمام تلك القيود لهامت في بيداء الإطلاق وساحت فطوبى لمن صفى عمله من ردية له وإن جلّ ولم ير له على غيره في جميع الحالات مزية فضل هذب بالتواضع نفسه فأسقط حظوظها وخشع قلبه لربه فأقام له مسنون أعماله، وصحّت له المراقبة والمحاسبة بهذي الشهود، فصار لديه التخلّق خلقا لا يفتقر إلى بذل مجهود، وانفتح له باب الذوق والشرب والري فهو في صحوة وسكرة ومحوة وفناء حتى:
  ترنم حادي الشوق وهو مزمزم ... فرعيا لحاد بالهوى يترنم
  يخبرنا أن الفتوة جودهم ... بأنفسهم والوقت بالحكم يحكم
  بقبض وبسط ثم أنس وهيبة ... وسر وكشف والهواجم تهجم
  طوالعهم ثم اللوامع إن بدت ... تلوح ولكن برقها لا يخيم
  إلى أن تنال النفس علم يقينها ... فيرتفع الشك الذي يتوهم
  وإن شاهدت عين اليقين ارتقت به ... إلى حضرة الحق الذي يتحكم
  فتخرج من فرق لجمع بريها ... وتذهب أوصاف النفوس وتحسم
  فإن كان شطحا فالحقيقة لبه ... وإن كان مدحا (فالنسيب المقدم(٢))
(١) ترجمه المؤلف برقم.
(٢) نشر العرف ١/ ٤٧١.