[46] القاضي شرف الدين الحسن بن القاضي جمال
  يا من أفنّد جهلا في محبّته ... ما لي عليك سوى الحسّاد عذّال
  ما حرّكوا بملامي منهم شفة ... إلّا وزاد غرامي فيك لا زالوا!(١)
  وله أيضا فيها:
  جزى اللّه بالحسنى عذولي، وإن يكن ... أثار لهيبا في الفؤاد وأشعرا
  وما ذاك إلّا أنّه حين لا مني ... توهّم سهوا من فؤادي فذكّرا!(٢)
  وله في الجناس المركب وهو بديع:
  لا ذقت حرّ صبابتي ... وكفيت ما ألقى بها
  فالنّار من أسمائها ... والموت من ألقابها!(٣)
  وديوانه كله من هذا الجوهر الثمين.
  وأما انشاؤه فينشي المسامع، وما فيه سوى نشره ضايع، فمنه في تقريض «سمط اللآل» تأليف السيد أبي الحسن إسماعيل بن محمد السابق ذكره(٤):
  «الحمد للّه الذي جعل في زماننا هذا من انتصر للأدب من بعد ظلمه، وملكه زمامه فجدّد منه ما دثر من رسمه، وحكّمه في النّظم والنثر فانقادا طائعين لنافذ أمره وماضي حكمه، وأرضعه ثدي المعالي فهو أخو المجد وابن أبيه وأمّه، الذي جعل كلام الملوك ملوك الكلام، وحكّمهم في رقاب القوافي فهم الملوك ومنهم الحكّام.! وصلواته على سيدنا محمد وآله، ما جنى أديب ثمرات غصن الأدب وتفيّأ بظلاله؛ ... فإنّي سرّحت نظري القاصر، وأدرت فكري الحائر، فيما نظمه في سلك هذا السّمط مولانا ودوحة الفضل الّتي أصلها ثابت وفرعها في السّما، وسحاب المكارم التي ودق الإفضال من خلالها همى، من أدار على الأذواق من نثره ونظمه كؤوسا أحلا من الشّهد، وكسا القريض حلّة لم ينسج على منوالها ابن برد»، وأبرز بدقيق فكرته كلّ معنى جليل، وسحر بما أظهر من
(١) أي لا زالوا يحركون شفاههم بملامي، ديوان الهبل ٣٤٩.
(٢) ديوان الهبل ٣٥٤.
(٣) اللقب وجمعها ألقاب: اسم يسمى به الإنسان سوى اسمه الأول مدحا أو ذمّا. ديوان الهبل ٢٧٤.
(٤) ترجمه المؤلف برقم ٣٠.