نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[46] القاضي شرف الدين الحسن بن القاضي جمال

صفحة 526 - الجزء 1

  بلاغته فكبا خلفه كل جواد أصيل، ربّ القلم الذي لا يقوم له قائمه، والسيف الذي لا يشك أحد أنّ في يد جبار السماوات قائمه، «ضياء» عين الملك الناظرة، وحديقة الأدب النّاضرة، من حاز المكارم أقصاها وأدناها، وعلا من مراتب البلاغة أعلاها وأسناها. إسماعيل بن محمد:

  أساميا لم تزده معرفة ... وإنّما لذة ذكرناها

  لا برح في ظلال الملك العزيز منعما، ولا علا قدر ضدّه في أرض ولا سما، ولا فتئ لأعباء المجد حاملا، ولا انفكّ في سماء الملك بدرا كاملا.

  فقلت ... وما عسى أن أقول وهو الذي لا يخطر على خاطر، ولا تقدر عليه قوّة ساحر، كم كرّت عليه جيوش الفكر فعادت تالية: {تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ}⁣(⁣١)، وكم حدّقت إليه عيون أهل الأدب لتقتبس من نوره {فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ}⁣(⁣٢) أما أبياته فآها لها من أبيات بل قصور، حكمت لناظمها بالكمال ولغيره بالقصور:

  جواهر أبكار يغار لحسنها ... إذا برزت عقد الّلآلي المنظّم،

  يشيب لها فود «الوليد» لعجزه ... ويضحي «زياد» عندها وهو «أعجم»

  يودّ «رقيق» النظم لو دخل في «ملكها»، ومنثور الزّهر لو انتظم في سلكها، لو سمعها «البديع» لقال: دونك هذا الأدب الذي يشترى بحبات القلوب، وهذا النظم الذي يغني عن الصّهباء وينوب، وهذا السّحر الذي ترك خدود الذّهب «الأحمر» صفر، وقال: «للهلال» لست منّي ولا قلامة ظفر، وهذه الفرائد الّتي علا صاحبها على قمّة النّسر، وهذه القلائد الّتي من مدّ إلى بيت منها يد غاصب رمته بشرر كالقصر، ولو وعاها «أبو الحسين الجزّار» لسلخ جلد ديوانه أو وعاها «الصفي الحلي» وهو حاكم هذا الفن لتكدّرت عليه شريعته و «السراج الورّاق» لقطع أوصاله من هوانه، ولو حواها «ابن المعتزّ»؛ لما ردّت عليه بيعته، أو «ابن نباته» لما استحلى «قطره» النباتي، أو «الحكيم بن دانيال، لقال هذا الدّواء الذي به محياي لا ما ركّبه «الأسعد بن مماتي»؛! أو «الراجح الحليّ» لرجحت ما وزن من شعره؛ أو صاحب «حلبة الكميت» لأقسم أن هذا هو «البابلي» في عصره. وأمّا كلماته فإذا رأيتها حسبتها لؤلؤا منثورا، أو روضا مدبّجا ببديع الزّهر


(١) سورة النازعات: الآية ١٢.

(٢) سورة النازعات: الآية ١٤.