نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[46] القاضي شرف الدين الحسن بن القاضي جمال

صفحة 527 - الجزء 1

  ممطورا، تفعل في الألباب فعل الشّمول، وتجرّ على «ابن النّبيه» ذيول الخمول، وتترك «القاضي الفاضل» مستثقلا منقوصا، وتحكم لصاحبها بالرقّ على أهل الأرض عموما وخصوصا، ولو سمعها «العماد» الكاتب لخرّ عليه السقف من فوقه، أو «ابن حجله» لعلم إن ذلك شيء لا يدخل تحت طوقه، أو «ابن المستوفي» لقال هذا لم يكن في الحساب، أو «ابن البوّاب» لقال لا طاقة لي على الدخول في هذا الباب. أو «ابن حجّة» لأفنى في معارضتها عمره، أو «الصّفدي» لما برح في صفد من الحسره،! فيا حسنه من مجموع غدا لفرائد الآداب جامعا، وأصبح لأئمة الأدب قبله، وجمع من المحاسن ما تفرّد به، ولم يحزه مجموع بعده ولا قبله، تودّ الأقمار لو أنّها في طاعته سواري، والكواكب لو أنّها له عبيد، والأفلاك لو أنها في خدمته جواري:

  فدونك منه سفر لا يسامى ... يجلّ عن المشابه والنظير

  يجرّ على «البديع» ذيول فخر ... ويحقر عنده وشي «الحريري»

  ولقد أربى مؤلّفه حفظه اللّه وأيّده، وبسط بالعدل والمعروف يده، على «سحبان وائل» وأتى وهو الأخير زمانه بما لم يستطعه الأوائل، وفاق الأكابر حلما على صغر سنّه وليس بعجيب. «قد يوجد لحلم في الشّبان والشيب» فاللّه يبقيه لعين الملك إنسانا، ولهذا الدّهر في جنب إساءته إحسانا، فهو الذي ما نشر الدّهر لأوليائه لواء عداوة إلّا طواه، ولا جرح سيف الفقر قلبا إلّا وفي قلمه دواه، واللّه يحرس أيامه الّتي صارت غرّة في جبهة الدّهر، ويديم أياديه الّتي سارت مسير الشّمس في كل بلدة وهبّت هبوب الريح في البرّ والبحر، ويبقيه في سماء الملك بدر تمام، ويحفظ غرته الّتي غدت لمن تقدّمه من الأكارم واسطة النّظام:

  واللّه ما أخّره ربّنا ... وهو لأرباب المعالي إمام

  إلّا لأنّ كان ختاما لهم ... للّه ما أحسن هذا الختام!⁣(⁣١)

  قلت أنا: هذا المنثور العبق، مما لا يستنبه غيره ولا يتفق، فأمام هذا الثغر المحروس الفاضل، وهو لا يخوض في بحره بل يقف من وصف قلعة كوكب


(١) ديوان الهبل ٥٦٤ - ٥٦٦.