[55] الرئيس، مؤيد الدين، فخر الكتاب، أبو
  ولقد أقول لمن يسدّد سهمه ... نحوي وأطراف الأسنّة تلمع(١)
  والموت من لحظات أحور طرفه ... يدنو وقلبي دونه يتقطّع
  باللّه فتّش عن فؤادي هل ترى ... فيه لغير هوى الأحبّة موضع
  أهون به لو لم يكن في طيّه ... عهد الحبيب وسرّه المستودع(٢)
  قال الشيخ صلاح الدين فأقول: ما هذا ثبات جنان، بل ثبوت جنون، لقد أربى بشجاعته على من تقدّمه، وفات من تأخر عنه.
  قلت: أما كان قلبه إلّا بين جنبي أسد، بل هو هذا أثبت منه وأشدّ.
  ثم رموه بالسهام حتى تقطّع سنة ثمان عشرة، وقيل ثلاث عشرة، وقيل أربع عشرة وخمسمائة ¦.
  قال: وفي شعره ما دلّ على أنه بلغ سبعا وخمسين سنة لأنه قال، وقد بشّر بمولود [من البسيط]:
  هذا الصغير الذي وافى على كبر ... أقرّ عيني ولكنّ زاد في فكري
  سبع وخمسون لو مرّت على حجر ... لبان تأثيرها في ذلك الحجر(٣)
  وأمّا لاميته فصار حسنها مسير الشمس، وصيّرت الشنفرى وإن كان فهميّا بالغيظ بليدا من بني عبس، وكانت قصيدة الشنفرى لجودتها عند العرب تسمى لامية العرب، وهي مشهورة مفضّلة وأوّلها:
  أقيموا بني أمي صدور مطيّكم ... فإني إلى أهل سواكم لأميل
  والشنفرى ابن أخت تأبّط شرّا أحد لصوص العرب وفتّاكهم وصعاليكهم وشعرائهم، وكان الشنفرى مثله، وطلب بثأره لما قتله هذيل، فأراد الطغرائي أن يعارض العرب بلاميّة العجم لأنه عجمي أصفهاني، فنظم هذه القصيدة الباهية الغانية الحالية، وسأذكرها تذكرة بها ولتكون لفصول النسمة السحرية كالربيع، وهي [من البسيط]:
(١) في هامش الأصل: «شرع».
(٢) ديوانه ٢٤٩ - ٢٥٠.
(٣) كاملة في ديوانه ١٦٣ - ١٦٤، وفيات الأعيان ٢/ ١٩٠، والقصيدة قالها في ابنه الأصغر علي.