[56] أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن
  العرق، ما خفت منه على نفسي الغرق، ولا شك أن من شره، وقع فيما كره، أن ربّ أكلة هاضت الآكل وحرمته مآكل، وإلّا فملك كسرى تغني عنه كسرة، وليعتبر المعتبر بأهل الرياضة إن في ذلك لعبرة، وفي خلال ذلك، وأنا في ليل من الندم أسود حالك، ألقت إليّ بصيرة، كتبها الكاتب وهي على بصيرة، وهو ثور السيد يحيى بن إبراهيم بن عبد اللّه شريف، والمذكور ظريف لطيف، خفيف كثير الدعابة، قليل الخطأ كثير الإصابة، وعلى هذا الرق المنشور والسجل المسطور علامة ثور السيد إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى، وأحسن به من ثور، جمع ما بين رئاستي الدين والدنيا، ولا حاجة إلى أخته، فإنه إنسان عين وقته، ولا يخفى على أحد فضله، فإليه يرجع الأمر كله، فقلت لها قولك الحق، ودعواك هذه صدق، {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ}(١)، وهذا الملك القهري، وقد قرّت به عيني وانشرح به صدري، وكانت عندي للبقرة المرحومة من الملح والهشيمة قدر ثلاثمائة قنيمة، ومن التخ والعصارة، قدر مأتي غرارة، وأما العلّاني والقصب والعصير، فكان عندي منه شيء كثير، وهذه الأشياء ما لها قيمة، وأنت إذا أنصفت رشيده حليمة، مع إني قد سلّمت ذلك لأختك فلانة عملا بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ}(٢) فقالت: قد صحّ عندي وثبت إنك تحبين الغلاط، وكفى دليلا على هذا إنك أهملت ذكر الحماط، فقلت سلي عن صدق قولي ثور الشيخ عبد اللّه النصيري، فإنه كان جليسي وسميري، وهو مطّلع على القليل والكثير، ولا ينبئك مثل خبير، مع إني موكلة مفوضة فما أرى خيام دعواك إلّا مقوّضة، قالت: إنها قد تعلّقت بك التهمة، ولا بد من إعادة القسمة، ولا عبرة بثور السيد عبد اللّه بن يحيى فإنه رحمة، وقد قال تعالى: {لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً}(٣)، فورب السماء والأرض، لا بدّ لعقد تلك القسمة من النقض، فإن كثيرا من الخلطا يبغي بعضهم على بعض، فقلت: ذلك أمر قد قضي بليل، وسال به السيل، وقد اكتلت لك ولغيرك واستوفيت الكيل، ولكن لا رحم اللّه خالك أحزم، فهذه شنشنة من أخرم، وخرجت من عندها وقد يبس ريقي، وجهلت طريقي، ورأيت عدوّي في ثياب صديقي، وجرت من عيني دمعة، وفعلت
(١) سورة الأعراف: الآية ٣٢.
(٢) سورة النساء: الآية ٥٨.
(٣) سورة يونس: الآية ٧١.