[57] الوزير أبو القاسم، الحسين بن علي بن
  تقدم أشار على مفرج الطائي بقصد قرى الرملة، فشنّ الغارات على رساتيقها ومعه علي، وجاءهم عسكر الحاكم فكادوا أن ينهزموا فأمر ابن المغربي بالندا بإباحة النهب فثبت العرب وزحفوا إلى الرملة فملكوها وبالغوا في النهب والقتل، فانزعج الحاكم لذلك انزعاجا شديدا، ثم حسّن لمفرج ورفض الحاكم والدعاء إلى غيره، فراسل أبا الفتوح الحسين بن جعفر العلوي يدعوه إلى الخلافة، وسهّل له الأمر وسيّر إليه ابن المغربي فحثّه على المسير وجرّأه على مال كان خلّفه بعض الأكابر المياسير، ونزع المحاريب الذهب والفضة التي كانت على باب الكعبة وضربها دنانير ودراهم وسمّاها الكعبية.
  ثم خرج ابن المغربي من مكة فدعا بني سليم وهلال وعوف، ثم سار به ومجموعه، فلما بلغ الرملة تلّقاه بنو الجرّاح وقبّلوا له الأرض وسلّموا عليه بإمرة المؤمنين، ونادى بالأمان، وصلى بالناس صلاة الجمعة، فامتعض الحاكم لذلك وسيّر الأموال لمفرج فاستماله وولّى مكة لبعض الأشراف، فرجع أبو الفتوح إلى مكة واعتذر إلى الحاكم فقبل عذره، وكتب الوزير أبو القاسم إلى الحاكم بعد هذه الأمور:
  وأنت وحسبي أنت تعلم أن لي ... لسانا أمام المجد يبني ويهدم
  وليس حليم من تباس يمينه ... فيرضى ولكن من تغيض فيحلم
  فسيّر له أمانا بخطّه، وكان توجه قبل وصول أمان الحاكم إلى بغداد، وبلغ القادر باللّه خبره فاتهم أنه قدم في إفساد الدولة العباسية فخرج إلى واسط، ثم استعطف القادر فأذن له بالرجوع إلى بغداد، ثم مضى إلى قرواش بن المقلّد أمير عقيل، وسار معه إلى الموصل وزيرا، ثم توجّه إلى أحمد بن نصر الكردي كما تقدم.
  وكان يلبس في هذه المدّة المرقعة والصوف، فلما تصرّف غيّر لباسه.
  وقال عقيب شراء غلام تركي كان يهواه قبل شرائه:
  تبدّل من مرقعة ونسك ... بأنواع الممسّك والشفوف
  وعنّ له غزال ليس بحري ... هواه ولا رضاه بلبس صوف
  فعاد أشدّ ما كان انتهاكا ... كذاك الدهر مختلف الصروف
  وأقام عند أبي نصر في أعلى حال، وأجلّ رتبة زمانا طويلا، ثم كوتب