[57] الوزير أبو القاسم، الحسين بن علي بن
  بالمسير إلى الموصل ليستوزره صاحبها، فسار من ميافارقين في الموصل وتقلّد وزارتها، وتردّد إلى بغداد للوساطة بين صاحبها السلطان أبي علي بن سلطان الدولة أبي شجاع بن بهاء الدولة أبي نصر بن عضد الدولة أبي شجاع وبين صاحب الموصل وجميع رؤساء الديلم والأتراك، وتقلّد وزارة الحضرة بغير خلع ولا لقب ولا مفارقة للدراعة في شهر رمضان سنة خمس عشرة وأربعمائة، وأقام شهورا وأغرى بين رجال الدولة، ثم كانت أمور خاف منها على نفسه فخرج إلى قرواش، ثم ساء به ظن القادر بسبب أنه أثار فتنة عظيمة بالكوفة تلف فيها عالم ففرّ ثانيا إلى أحمد بن نصر الكردي فأكرمه وأقطعه ضياعا، فكوتب ثانيا من بغداد للعود إليها، فبرز من ميا فارقين يريد السير إلى بغداد فسمّ هنالك، فعاد إلى المدينة فمات فيها لأيام خلت من شهر رمضان سنة ثمان عشرة وأربعمائة، ¦، فلقد كان أمره تأريخا ممتعا.
  وأمّا عز الدين بن أبي الحديد فذكر في شرح الخطب المسمّى نهج البلاغة خلاف ذلك، فإنه قال: حدثني أبو جعفر يحيى بن محمد بن زيد العلوي نقيب البصرة قال: لما قدم أبو القاسم المذكور إلى بغداد استكتبه مشرف الدولة أبو علي بن بويه وهو سلطان حضرة القادر ففسدت الحال بينه وبين القادر، وكان للوزير أعداء سوء أوهموا القادر أنه يدبّر مع مشرف الدولة على قبضه، فأطلق القادر لسانه فيه وشكاه ونسبه إلى الرفض وسبّ السلف، وإلى كفران النعمة، وأنه هرب من يد الحاكم صاحب مصر بعد إحسانه إليه.
  قال النقيب أبو جعفر: فأما الرفض فنعم، وأما إحسان الحاكم إليه فلا، لأن الحاكم قتل أهله كما ذكرنا، فلو لا فرّ قتله أيضا.
  قال النقيب أبو جعفر: وكان أبو القاسم ينتسب إلى الأزد ويتعصّب لقحطان على عدنان، وللأنصار على قريش، وكان غالبا في ذلك مع تشيّعه(١).
  قلت: وهو خلاف نسبه المذكور في فارس.
  وانحدر الوزير مع مشرف الدولة إلى واسط، واتفق أن وقع إلى القادر كتاب بخط الوزير فيه من شعره ونثره مسوّدا أتحفه بعض أعداء الوزير، فوجد
(١) شرح نهج البلاغة.