[59] الأديب، الحسين بن علي موسى الخياط
  والذي شاع له في وصف المعصوبة(١) وقد قلّدها عصابة عسلية أصبحت بها غانية حالية، والكسّار خبّاز معروف:
  صاح صاح الهزار في الأشجار ... وتجلى الصباح بالأنوار
  فانتبه للصبوح قد رقم الطل ... وأمحت سطر النجوم السواري
  والرحى في الصباح قد أطربتنا ... بسماع يغني عن الأوتار
  فارتشف قهوة من البن تغني ... عن سلاف الرحيق في الأبكار
  وإذا ما أردت وصل حبيب ... فانتهض مسرعا إلى الكسار
  تنظر القرص طالعا في يديه ... مستديرا كمثل شمس النهار
  ببياض مرقم بسواد ... كبياض الخدود حول العذار
  وكعوب عليه تزهو فتغني ... عن كعوب الخرائد الأقمار
  أنا في حبه عميد معنّى ... قد حلى لي تهتكي واشتهاري
  لا تلمني في حبه يا عذولي ... قد رأيت الصواب خلع العذار
  ما نقي الخدود إلا نقيا ... عند أهل الحجا وأهل الوقار
  رب معصوبة ألذّ لقلبي ... من وصال الخرائد الأبكار
  أحكموها ودققوها بفهم ... إذ رأوها من أعظم الأسرار
  مازجوا جسمها بإكسير ملح ... قبل تركيب جرمها في النار
  فاستحالت سبيكة من لجين ... وعلى السمن فوقها كالنضار
  عظّموا قدرها وقوموا إليها ... فهي لا شك منتهى الأوطار
  وهي الكميا وما قيل فيها ... في كتاب الشذور من أشعار
  فعلى مثلها يناح ويبكى ... لا على درهم ولا دينار(٢)
  ما أعلم أحدا تغزّل بمأكول سواه مع الرشاقة والانسجام، اللهم إلّا ابن الرومي مشهور كان فيه، وما أحسن(٣) تشابيهه الشهية للخبز والمعصوبة وهي خبز يمرس بسمن، وقياس مزاجها إذا قلنا باعتدال الحنطة، وإن السمن حار في الثانية رطب في الأولى أن تكون حارة رطبة في الدرجة الأولى في نحو آخرها،
(١) المعصوبة: نوع من الأطعمة مشهور عند أهل صنعاء.
(٢) نشر العرف ١/ ٥٨٨ - ٥٨٩.
(٣) في هامش الأصل: «وما أحلى».