نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[64] الشيخ الحسين بن عبد الصمد العاملي

صفحة 65 - الجزء 2

  أربعة نفر أربع ولايات أحدهم خراسان، وأعطاه خلعة بثلاثة آلاف دينار، ثم استدعى موبذ موبذان وهو بالعربية قاضي القضاة، وقال له: يا دهقان هل أعطى أحد من ملوك العجم في أيامهم مثل أعطيت، فإنه بلغني أن خلعهم أكثر من أربعة آلاف درهم؟ فقال: أطال اللّه بقاء الملك، كانت لملوك العجم ثلاثة أشياء ليست لكم: أحدها إنهم كانوا يأخذون ما يأخذون من الناس بقدر ويعطونه بقدر، والثاني: إنهم كانوا يأخذون من موضع يجوز الأخذ منه ويعطون من ينبغي أن يعطى، الثالث: إنهم ما كان يخافهم إلّا المذنب.

  فقال المأمون: صدقت ولم يعد عليه جوابا.

  ثم إن المأمون فتح باب تربة كسرى، وفتح تابوته وكشفه ونظر إلى حسن صورته ووجهه وهي بما بها ما بليت، والثياب عليه بجدّتها ما تمزّقت ولا خلقت، والخاتم في إصبعه فصّه من ياقوت أحمر كثير الثمن، ما رأى المأمون قبله مثله، وكان مكتوب على فصّه بالفارسية (به هه ته مه به)⁣(⁣١) ومعناه الأجود أكبر، ليس الأكبر أجود.

  فأمر المأمون أن يغطّى بثوب نسج بالذهب، فأخذ غلام خاص بالمأمون الخاتم خفية فاعلم فأمر بإهلاكه وأعاد الخاتم في إصبعه، وقال: كاد أن يفضحني بحيث كان يقال عليّ إلى يوم القيامة إن المأمون كان يتأسى وأنه نبش كسرى وأخذ خاتمه من إصبعه.

  قلت: هذا عجيب، فالغزالي رفيع القدر في العلوم، وحيث روى هذا فلا يتهم فيه، ولعل اللّه أبقى لكسرى أجزاء جسمه بما بها وثيابه بجدّتها تنبيها للظلمة على فوز العادل في عباده وعظيم ثوابه، وألهم المأمون بنبشه ليعتبر أولوا الألباب، هذا على مجوسية كسرى لم يضيّع اللّه عدله المشهور، وأثنى عليه النبي ÷ بقوله: «ولدت في زمن الملك العادل».

  وكان بين نبش المأمون له وموته مئتا سنة وزيادة، وأما الذي دعا عليه


(١) هكذا في اللغة الفارسية على ما ترجمت إلى العربية (به مه نه مه به).