[67] أبو سليمان، داود بن سلم التيمي، مولى
  وأذكرها ما بين ذاك وهذه ... وبالليل أحلامي وعند هبوبي
  وقد شفّني شوقي وأبعدني الهوى ... وأعيا الذي بي طبّ كلّ طبيب
  وأعجب أنّي لا أموت صبابة ... وما كمد من عاشق بعجيب
  وكلّ محبّ قد سلا غير أنني ... غريب الهوى، واها لكلّ غريب
  وكم لام فيها من أخ ذي نصيحة ... فقلت له أقصر فغير مصيب
  أتأمر إنسانا بفرقة قلبه ... أتصلح أجسام بغير قلوب(١)
  وأجاد في هذه الأبيات وأحسن غاية الإحسان، وتمّت له في «واها لكل غريب» تورية مطبوعة. ما أصدق قول القائل:
  إذا ذهب القرن الذي أنت منهم ... وخلفت في قرن فأنت غريب
  وإن امرء قد ساد خمسين حجة ... إلى منهل من ورده لقريب
  وليس في الوعظ أقوى ولا أشعر من هذا، وكان الحجّاج يتمثّل بالبيت الثاني.
  وقال الأصفهاني: كان داود المذكور ينبز بداود الأدلم والأميل، وكان أقبح الناس وجها، وأما شعره المختار للأغاني فهو:
  قل لأسماء أنجزي الميعادا ... وانظري أن تزوّدي منك زادا
  إن تكوني حللت ربعا من الشأ ... م وحاورت حميرا أو مرادا
  أو تناءت بك النوى فلقد قد ... ت فؤادي لحينه فانقادا
  ذاك أني حملت فيك جوى ألح ... بّ وليدا فزدت فيه فزادا(٢)
  وقال أيضا: أنه خرج إلى حرب بن يزيد بن معاوية وهو بالشام، وكان حرب كريما، فلما نزل به داود وحطّ مع غلمان حرب متاعه، وحلّوا عن راحلته وأنشده حين دخل عليه:
  ولمّا دفعت لأبوابهم ... ولاقيت حربا لقيت النجاحا
  وجدناه يحمده المجتدون ... ويأبى على العسر إلا سماحا
  ويغشون حتى يرى كلبهم ... يهاب الهرير وينسى النّباحا
(١) الأغاني ٦/ ٢٦.
(٢) الأغاني ٦/ ١٧ - ١٨.