نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[69] أبو المعالي، درويش بن محمد الطالوي

صفحة 103 - الجزء 2

  فالورق صادحة والروض ضاحكة ... ثغوره بين منهلّ ومنسجم

  تجاذب الرّيح أطراف الغصون بها ... فتنثني والهوى ضرب من اللّمم

  يوما بأحسن مرأى من شمائلها ... وقد أتت بعتاب من أخي كرم⁣(⁣١)

  ويعرف هذا النوع من قوله: «فما الرياض ... الخ» الأبيات بالتوشيح في المحسنات، والمشبه به قبل استعمال صناعة التوجيه متروك فيها، وهو كذا في الريحانة، فالظاهر أنه سهى عن نقله، وأن يقدر مقول فيها فما الرياض ... الخ، ولم يذكر الأفندي متى كان الطالوي وهو مخل في جميع رياض ريحانته بذلك، وأحسب أنه عاصره وأنه عاش إلى الأربعين وألف⁣(⁣٢)، لأنه ذكر في «السانحات» أنه أخذ الطب عن الشيخ داود، وذكر أن الشيخ داود توفي سنة ثمان وألف بمكة المكرمة.

  ومن أقوى الأدلّة على فضله في الإنشاء ما ذكر لنفسه في السانحات يصف وروده للأخذ على الشيخ داود فقال: وردت إليه على برح اشتياق، وادكار بحديث هيت أو حديث زوراء العراق، بل كنت لديه كقميص يوسف حين ألقاه البشير إلى يعقوب، فارتد لفرط السرور وهو بصير، فمازجته امتزاج الراح بالماء القراح، ولزمته لزوم الظل في الغدو والرواح، فلما استشف غيب بالمني من الظاهر، واستشرف بقوّة حدسه عما تكره الضمائر سمح لي بشيء من بعض علومه الغريبة، واختصني بدقائق حكمه العجيبة، بما لو انتظم في سلك البيان لسحر، وظهر لأعين الناظرين لبهر:

  فإن كنت سهل القود فاطو طريقه ... على كل طاو من جياد العزائم

  وإلّا فلا تعرض له فطريقه ... أشق وأنأى من طريق المكارم

  ولم أزل مدّة إقامتي بالقاهرة أرود حماه وأجعل سميري فيها قمر محيّاه، تارة بالظاهرية يجمع أناسه، وأخرى بربع قاسيون مربع إيناسه. محليا عليّ فيه من لطائف أسماره، وظرائف نكته البديعة من نوادر أخباره. فمما سمعته منه ورويته عنه وقد سئل عن مسقط رأسه، ومشعل نبراسه، فأخبر إنه ولد بأنظاكية بهذا العارض، ولم يكن بعد الولادة بعارض، قال: ثم إني بلغت من السنين بعدد


(١) ريحانة الألبا ١/ ٦٠ - ٦١.

(٢) في الاعلام إن مولد الطالوي هذا ٩٥٠ ووفاته ١٠١٤.