[70] أبو علي، دعبل بن علي بن رزين بن سليمان
  خزّ وردّ عليه الدنانير وقال للغلام، قل له: خذها ولا تردّها فإنك ستنفقها أحوج ما تكون إليها، فأخذهما، وأقام بمرو مدة، وتجهّزت قافلة إلى العراق فتجهّز معها، فخرج عليهم اللصوص في أثناء الطريق فنهبوا القافلة عن آخرها وكتفوا جماعة من أهلها منهم دعبل، فساروا بهم غير بعيد ثم جلسوا يقتسمون أموالهم، فتمثّل أمير اللصوص بقول دعبل:
  أرى فيئهم في غيرهم متقسما ... وأيديهم من فيئهم صفرات
  فسمعه دعبل، فقال: أتعرف لمن هذا البيت؟ قال: وكيف لا أعرفه، هو الرجل من خزاعة اسمه دعبل، شاعر أهل البيت، قال دعبل: أنا واللّه هو، وأنا قائل القصيدة. قال: ويلك انظر ما تقول، قال دعبل: الأمر أشهر من ذلك واسأل هؤلاء المساكين معكم يخبروك، فسألهم اللصوص فقالوا بأجمعهم: دعبل الخزاعي، ثم أنشده القصيدة بأجمعها، فقال: قد وجب حقّك علينا وقد رددنا القافلة وما حويناه منها جميعا إكراما لك يا شاعر أهل البيت، ثم إنها أخذوني معهم وتوجّهوا إلى قم ووصلوني بمال وسألوني بيع جبّة الإمام الرضا منهم بألف دينار، فقلت: لا أبيعها، وإنما هي للتبرك، ثم رحلت من ثم بعد ثلاثة أيام، فلما صرت منها على مسيرة ثلاثة أيام خرج عليّ قوم من أحداثهم وأخذوا الجبّة، فرجعت وأخبرت أكابرهم فردّوها علي، ثم قالوا نخشى أن تؤخذ منك ثم لا تعاد، فباللّه إلا أخذت الألف دينار وتركتها لنا، فأخذ منهم الألف وتركها.
  وقال غير الطبرسي: إنه باع منها نحو شبر بألف دينار.
  وقال أبو الفرج: سئل أبو تمّام عن دعبل ابن من هو؟ قال: هو ابن «ضحك المشيب برأسه فبكى».
  قلت: إنما قاله أبو تمّام جوابا لمن سأله عن النسب على سبيل المغالطة استحسانا له، وأبو تمّام أمام البديع، وممن سبق إلى فتح بابه، إنما اشتهر له هذا البيت وفيه من البديع المقابلة أو المطابقة على مذهب، وهي ليست من نفيس البديع كالتورية والاستخدام، لأنه طرقه بكرا، ووصل غادته عذرا، ثم لما شاخت الشابة دخله ملل الابتذال أو شابه وقد عانقته التورية وهو داخل في قوله:
  إذا وتروا مدّوا إلى واتريهم ... أكفا عن الأوتار منقبضات
  لأن الوتر الأوّل بكسر الواو: الذحل وهو الدم يطلب به الرجل، والأوتار