نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[70] أبو علي، دعبل بن علي بن رزين بن سليمان

صفحة 112 - الجزء 2

  الجناح ومن الساق والرجلين، فإن كان قد بلغ من نبلك إنك لا تأكله فانظر أين رميت به؟ قال: لا أدري! قال: لكني أدري، رميت به واللّه في بطنك، واللّه حسبك.

  قلت: لقد أفاد بخل سهل فوائد طيّبة، وأمثال تحبب أكل رؤوس الديوك مع ظرف المحاورة، وإنه مجدّ، ولهذا إن من البيان لسحرا.

  ومما يتعلق بالديك ودعبل: ما حدّث أحمد بن خالد الكاتب البغدادي قال: كنّا يوما في دار رجل اسمه صالح بن علي من عبد القيس ببغداد، ومعنا جماعة من أصحابنا فسقط على السطح ديك من دار دعبل، فلما رأيناه قلنا هذا صيد فأخذناه، فقال صالح: ما تصنع به، قلنا نذبحه فذبحناه وشويناه، وخرج دعبل فسأل عن الديك فعرف أنه سقط في دار صالح فطلبه منا فجحدناه وشربنا يومنا، فلما كان من الغد خرج دعبل فصلى الغداة وجلس على باب المسجد وكان مجمعا يجتمع فيه العلماء والأدباء وينتابهم الناس فقال:

  أسر المؤذّن صالح وضيوفه ... أسر الكميّ القرن ديك الحائط⁣(⁣١)

  يتنازعون، كأنهم قد أوثقوا ... خاقان! أو هزموا كتائب ناعط⁣(⁣٢)

  بعثوا عليه بناتهم وبنيهم ... من بين يانعة وآخر ساقط

  نهشوه، فانتزعت له أسنانهم ... وتهشمت أقفاؤهم بالحائط⁣(⁣٣)

  فكتبها الناس عنه ومضوا، فقال لي وقد رجع إلى البيت: ويحكم ضاقت عليكم المآكل فلم تجدوا سوى ديك دعبل، ثم أنشدني في الشعر وقال: لا تدع ديكا ولا دجاجة إلا اشتريته لدعبل وبعثت به إليه وإلّا وقعنا في لسانه، ففعلت ذلك.

  وبات دعبل ليلة عند صديق له من أهل الشام وبات عندهم رجل من أهل بيت لهيا اسمه حوى بن عمر السكوني وكان جميل الوجه، ندب عليه صاحب البيت، وكان شيخا كبيرا فانيا قد أتى عليه حين من الدهر، فقال دعبل:


(١) يريد بالمؤذن، الديك، الكمي: الشجاع وجمعها كماة.

(٢) ناعط: قبيلة من همدان، وأصله جيل نزلوا به فنسبوا إليه.

(٣) الأغاني ٢٠/ ١٤١، معاهد التنصيص ٢٧٠.