نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[73] الرباب بنت امريء القيس بن عدي بن أوس بن

صفحة 136 - الجزء 2

  دينار فقال له: هذه لك على أن تأذن لي بالمسير إلى العرج والمبيت به وأغلّس⁣(⁣١) عليك، على أن تكتم ذلك من سكينة، فأذن له وحلف على كتمان الأمر، فما سار قدر نصف ميل حتى وثب أشعب إلى خرسة فأسرجه بسرجه الحفيل ولبس الحلّة، وتطيّب بالطيب، ومضى إلى الحي الذين كانوا بإزائهم، وكان رجالهم غيبا فأقام في محادثة النساء إلى العصر، ثم انصرف رجال الحي من وجهتهم فأقبلوا يمرّون عليه فيقولون: من الرجل؟ فينتسب في نسب زيد، فيقولون: ما نرى بأسا، إلى أن مرّ عليه شيخ فان على حجرة هرمة فأخبره كما أخبر غيره. قال أشعب: ثم رأيت الشيخ قد وقف ووضع يده اليسرى تحت حاجبه وجعل يتفرّس فيّ فأوحشت منه، فاستويت على الفرس فسمعته يقول: أقسم باللّه ما هذا بوجه قرشيّ، وما هذا إلّا وجه عبد، فركبت الفرس وهو يتبعني ويقول: من أنت؟ فلما أيس من اللحاق أخرج سهما فرماني، فوقع في مؤخر السرج فكسره، ودخلتني روعة أحدثت لها في الحلة، ووافيت الرجل وقد غشي الظلام فغسلت الحلة ونشرتها فلم يجف، وغلس زيد من العرج فرأى الحلة مغسولة والسرج مكسورا، والفرس قد أضرّ به الركض وسقط الطيب مخضوضا، فسألني فصدقته، وقال:

  ويحك ما كفى ما فعلت بي حتى انتسبت في نسبي فجعلتني حباشا⁣(⁣٢) عند أشراف قوم من العرب وسكت عني.

  فلما قفلنا سألته سكينة عن خبره، فقال: يا بنت رسول اللّه وما سؤالك إيّاي هذا ثقتك فسليه، فأخبر بها إني لم أنكر عليه شيئا ولم أطلق له الاجتياز بالعرج، وحلفت لها بالأيمان المحرجة وبالطلاق، فلما فرغت قام بين يديها وقال: واللّه يا بنت رسول اللّه لقد كذبك العلج، ولقد أخذ مني أربعمائة دينار إلى أن أذن لي بالمبيت بالعرج والمقام بها يوما وليلة، وغشيت به عدّة من جوارييّ وأنا تائب مما كان مني، وقد وهبتهن لك وهنّ موافيات الليلة، وأنت أعلم بما ترين في عبد السوء.

  قال أشعب: فأمرتني بإحضار الأربعمائة دينار واشترت بالجميع بيضا وتبنا


(١) غلس عليه: ذهب إليه في الغلس، والغلس ظلمة آخر الليل، والجمع أغلاس.

(٢) في الأغاني: «جماشا». والجمش: المغازلة، ضرب بقرص ولعب، وقد جمّشه وهو يجمّشها أي يقرصها ويلاعبها، والجمّاش الذي يغازل النساء ويلاعبهن، والتجميش، المغازلة «لسان العرب:

مادة جمش».