[73] الرباب بنت امريء القيس بن عدي بن أوس بن
  الأصبهاني كعادته في بسط الأخبار التي تتعلق بالمخنثين، لأنها كانت شكسة الخلق، وكذاك نساء تيم وكانت أختها أم طلحة تحت الإمام أبي محمد الحسن ابن علي، وكان يقول: واللّه لربما حملت ووضعت وهي لي مصارمة(١).
  ولما قتل عبد الملك بن مروان مصعبا تزوّج عائشة عمر بن عبد اللّه بن معمر فحمل إليها خمسمائة ألف درهم مهرا، ومثلها هدية وقال لمولاتها: لك عليّ ألف دينار إن دخلت عليها الليلة، وأمر بالمال فحمل وألقي في الدار، وغطّي بالثياب، فقالت لمولاتها: ما هذا أفرش أم ثياب؟ قالت: انظري إليه، فنظرت فإذا المال، فتبّسمت فقالت لمولاتها: أجزاء من ساق هذا أن يبيت عزبا؟(٢) قالت: لا، ولكن لم أتزيّن ولم أستعد، قالت: «بم ذا، فو اللّه لوجهك أحسن من كل زينة وما تمدّين يدك إلى طيب أو ثياب إلّا وهو عندك، وقد عزمت عليك أن تأذني الليلة! قالت: نعم، فذهبت إليه، فقالت: بت بنا الليلة، فجاءهم عند العشاء الآخرة فأدنى له طعام فأكله كله حتى أعرى الخوان فسأل عن المتوضّأ فأخبرته، ثم قام يصلي حتى ضاق صدر المولاة(٣) ونامت، ثم قال:
  عليكم إذا فأدخلته وأسبلت الستر عليهما وعدّت له في بقيّة الليلة على قصرها سبعة عشر مرة دخل المتوضأ فيها، فلما أصبح وقفت على رأسيهما فقال:
  أتقولين شيئا؟ قالت: نعم، واللّه ما رأيت مثلك أكلت أكل سبعة، وصلّيت صلاة سبعة، ونكت نيك سبعة، فضحك وضرب بيده على منكب عائشة وقال: كيف رأيت ابن عمّك، فضحكت، وغطّت وجهها وقالت:
  قد رأيناك فلم تحل لنا ... واختبرناك فلم نرض الخبر
  ذكر ذلك الأصبهاني في الأغاني(٤)، وقد ذكرت أنه يرتاح للأخبار المؤنثة حتى كأنه مخنثا عفى اللّه عنه.
  قال: ولما تأيّمت كانت تقيم بالمدينة عاما وبمكة عاما، وتخرج إلى مال لها بالطائف فتجلس بالعشيّات في قصر لها وتناضل بين الرّماة، فمرّ بها
(١) المصارمة: المقاطعة، الأغاني ١١/ ١٨١.
(٢) العزب: من لا زوج له، رجلا كان أو امرأة.
(٣) في هامش الأصل: «لمولاتها».
(٤) ١١/ ١٨٩ - ١٩٠.