[74] أبو المعالي ضياء الدين، زيد بن يحيى بن
  فكره جمرة فسبحان ربي ... قد قضى للخليل برد النار
  هاكها بنت فكرة زفها الفهم ... إلى كفؤها زفاف الجوار
  طالبا في صداقها صدق ودّ ... كودادي في سره والجهار
  دمت ما قال ناشق الروض صبحا ... قم فقد ألممت صبا الأبكار(١)
  تأمّل هذا الشعر، وتمسك برقى هذا السحر، فلو رآه الحسن بن هاني لرأى بهجة نيسان وترك مرحبا بالربيع في آذار.
  وأما تشبيهاته الروضية والأفقية فيعوّذها ابن شبل والصنوبري بالنجم والتين، ويستيقن الدارمي أنه عن معارضتها مسكين، واشتهرت هذه العقيلة لحسنها اشتهار فضل ناظمها.
  وأنشدني روّض اللّه روحه من شعره المعجز:
  ماذا روت لك عنه النسمة العطرة ... حتى علقت بأسباب الشجا الخطرة
  وما أسرت إليك الورق إذ هتفت ... صبحا فاسبلت من غم البكا مطره
  تلك الحمام حكاني نوحهن ولو ... حاكت ضنائي غدت بالصدق مشتهره
  بعت التصبر من ورق الغصون ضحى ... أرجو فلاح الهوى في بيعة الشجرة
  أضحت تذكر بالمحبوب ذا ... وله ما زاره الرشأ الأحوى ولا ذكره
  بدر من الإنس يحكي حسنه ملكا ... كم لام فيه شياطين الهوى الفجره
  وكم نهى جاهل عن غصن قامته ... وليس عندي لذاك القول من ثمره
  قبحا له عذل المضني ولو عرفت ... نفس الملحّ بما يلقا به غدره
  أهواه معتدلا لم يبق معطفه ... في الروض حظا لأغصان اللوا النظره
  ذو طلعة لو أطاف الأفق حين بدت ... لما جلى شمسه يوما ولا قمره
  لما استقل بملك الحسن صار إذا ... وافاه مني كثير الصبوة احتقره
  بالعين اسقمتني والبرء ضم يدي ... للخصر منك ورشف الريقة الخضرة
  نومي بمبسمه المنظوم شرده ... عن مقلتي ومضى صبر الحشا أثره
  قد كان بواء ظل الوصل عاشقه ... واليوم حل هجير الشوق إذ هجره(٢)
(١) نشر العرف ١/ ٧٠٢ - ٧٠٣.
(٢) نشر العرف ١/ ٧٠٣ - ٧٠٤.