[74] أبو المعالي ضياء الدين، زيد بن يحيى بن
  فالأدمع انسكبت كالتبر وانسبكت ... والأضلع انضرمت بالشوق وانصرمت
  لا تغبطوا مقلتي ريّا بمدمعها ... فلم تكن لمنام بعدكم طمعت
  أحبابنا هل يعود الوصل مقتبلا ... إذ نلت منكم قبولا حليه انتظمت
  والآن قام لتعليق الفراق بنا ... قوم إذا شرحت أقوالهم فهمت
  لي في حماكم مليح علّموه به ... قبح الصدود وفيه صبوتي علمت
  أهواه وهو إلى الأهواء منجذب ... يصغي لأقوال حسّاد لنا رغمت
  محجّب وحماه في حشاي فلو ... تدري بخيبتها حرّاسه ندمت
  لو شاء نضّى لهم سيف الرنا وثنى ... رمح القوام فألقاه وقد هزمت
  أفديه من قمر من قاس طلعته ... بالشمس أنصف يوما وهي قد ظلمت
  تاه الهلال بأن حاكى قلامته ... والكثب حين حكت أردافه عظمت
  ليت الترائب منّي صيّرت أبدا ... ضمر المعاطف دأبا منه والتزمت
  لما نأى رحلت تلقاء ساحته ... مسرّتي وإذا ردّ اللقا قدمت
  إذا ألّم به نشر النسيم سلى ... بقدّه عن غصون في الربى نعمت
  كم طرف نرجسة يبكي بدمع ندى ... إن لاح طلع ثناياه التي بسمت
  لولاه لم يخلق اللّه الجمال ولا ... أرى الصبابة لولا مهجتي قسمت
  حزت الغرام برغم العاشقين كما ... حوى عليّ العلى والصيد قد رغمت(١)
  ثم خرج إلى المديح، وإذا تأمّلت هذه الطريقة، وسرّحت الحدقة في الحديقة، وكنت بدرا منصفا، علمت أنه شفى الأدب وكان على شفا.
  وأمّا قوله:
  تنثي الدموع لكم عيني فقد ألفت ... تلك القريحة نثر الدمع وانسجمت
  فترك القريحة فريحة، والجوارح حسدا جريحة.
  وأنشدني | لنفسه إجازة:
  من قدر الليث لظبي الصريم ... ذلك تقدير العزيز الرحيم
  ومن قضى رب القنا والظبا ... للابس العقد ولاوي البريم(٢)
(١) بعض أبياتها في نشر العرف ١/ ٧٠٥.
(٢) هذين البيتين في نشر العرف ١/ ٧٠٥.