[1] أبو العباس، إبراهيم بن العباس
  للوزير: تقبل في المال قول صاحبه، فسررت للظفر واغتممت لبطلان المال وذهابه بهذه الحيلة، ولعله قد جمع في زمن طويل وبعد تعب شديد(١).
  * * *
  قلت: وهذا من سحر الشعر وفيه تورية من الحيلة بالشعر ما حكى محمد ابن السائب الشاعر الأنطاكي قال: كنت مع جماعة من الشعراء قصدوا إسحاق بن أيوب التغلبي أمير الموصل والجزيرة مادحين له ومؤملين فضله، فلم يعطنا شيئا وطال مقامنا لديه، وكان يعشق بدعة جارية عريب المأمونية، فقلت: واللّه لأخدعنه، وتوصّلت حتى وقفت بين يديه فقلت:
  تدرون ما قالت لأترابها ... في السرّ منّا بدعة العالم
  قال: فأقبل عليّ وهشّ إليّ وقال: ويلك ما قالت:
  فقلت:
  باللّه إن صغتنّ لي خاتما ... فأنقشن إسحاق على الخاتم
  فارتاح وطرب واهتزّ وتهلل، وقال: مليح واللّه ما قالت، ثم أمر بمائة دينار وحملني على فرس رابع بمركب ثقيل، والبسني خلعة سنية، وقال: هذا لك في كل سنة، ولم يعط أحدا من الشعراء غيري.
  وكان إسحاق قد أسر صبيا من أبناء بطارقة الروم بديع الجمال فأهداه إلى بدعة فكان يحمل عودها ويحضر معها فقال فيه بعض شعراء وقته:
  عجب الناس من رقاعة إسحا ... ق وفعل أتاه غير جميل
  حيث أهدى إلى الغزالة ظبيا ... ذا قوام لدن وخدّ أسيل
  أتراه يعفّ عنها إذا ما ... [قد] خلوا للعناق والتقبيل
  فكأني بذيل بدعة قد صا ... ر لصيقا للقرطق المحلول
  قلت لا تنكروا فإن له عذ ... را صحيح القياس غير عليل
  بعدت دارها وقام عليه ... فاشتهى أن ينالها برسول
  * * *
(١) الأغاني ١٠/ ٧١.