[78] الإمام أبو الحسين، زيد بن الإمام السجاد
  وقال: خرج بنا هشام أسرى من غير ذنب من الحجاز إلى الشام ثم إلى الجزيرة ثم إلى العراق ثم إلى قيس ثقيف يلعب بنا، وأنشد [من الكامل]:
  بكرت تخوّفني الحتوف كأنني ... أصبحت عن غرض الحتوف بمعزل
  فأجبتها إن المنيّة منهل ... لا بد أن أسقى بكأس المنهل
  إن المنيّة لو تمثّل مثلت ... مثلي إذا نزلوا بفنّك(١) المنزل
  فأفني حياءك لا أبا لك واعلمي ... إني امرؤ سأموت إن لم أقتل
  وهذا الشعر إنّما مثل به الإمام، وهو مما أورده أبو تمام في حماسته(٢)، وفي ذهني أنه لعنترة العبسي(٣).
  ثم قال لعمر: استودعك، وإني أعطي اللّه عهدا إن أدخلت يدي في طاعة هؤلاء ما عشت، وفارقه، وأقبل إلى الكوفة مستخفيا يدور في المنازل، فأقبلت الشيعة تختلف إليه تبايعه، فبايعه جماعة من الوجوه، وكانت بيعته: إنا ندعوكم إلى كتاب اللّه وسنّة رسوله وجهاد الظالمين، والدفاع عن المستضعفين، وإعطاء المحرومين، وقسم هذا الفيء بين أهله على السواء، وردّ المظالم، ونصرنا أهل البيت، أتبايعون على ذلك، فإذا قالوا: نعم، وضع يده على أيديهم ويقول:
  عليك عهد اللّه وميثاقه وذمّة رسوله، لتفينّ ببيعتي، ولتقاتلنّ عدوّي ولتنصحنّ لي في السرّ والعلانية، فإذا قال: نعم، مسح بيده، ثم يقول: اللهم أشهد.
  فبايعه خمسة عشر ألفا، وقيل أربعون ألفا، وأمر أصحابه بالاستعداد، فأقبل من يريد أن يفي يستعد ويتهيأ، فشاع أمره في الناس.
  وقال آخرون: أنه أتى الكوفة لموافقة خالد القسري أو ابنه يزيد عند يوسف ابن عمر، وأنه أقام بالكوفة ظاهرا ومعه داود بن علي، وأقبلت الشيعة تختلف إليه ويحسنّون له الخروج ويقولون: أنا لنرجو أن تكون أنت المنصور، وإن هذا الزمان الذي يهلك فيه بنو أميّة، فأقام بالكوفة ويوسف بن عمر يسأل عنه فيقال هو هاهنا، ويبعث إليه ليسير، فيقول: نعم ويعتلّ بالوجع، فمكث ما شاء اللّه، ثم أرسل إليه يوسف بالمسير فاحتج أنه يحاكم آل طلحة بن عبيد اللّه بملك بينهما
(١) كذا في الأصل.
(٢) لم أعثر عليها في كتاب الحماسة لأبي تمّام.
(٣) كاملة في ديوان عنترة ٧٨ - ٨٩ ط دار الجيل.