[80] أبو العباس، سديف بن ميمون، مولى أبي
  أدبروا، فذلك كان زمانهم، وبذلك كان يعمل سلطانهم، فلما كان من الغد دخلوا.
  ودخل سديف، فأنشد القصيدة الآتية.
  وقال ابن عبد ربه أيضا: وكان سبب قتل سديف أنه قال أبياتا ميميّة وكتب بها إلى أبي جعفر وهي [من الكامل]:
  أسرفت في قتل الرعية ظالما ... فاكفف يديك أظلها مهديها
  فلتأتينك راية حسنية ... جرارة يقتادها حسنيها(١)
  فأتعبت أبا جعفر، فلم يزل يتجسس عن قائلها حتى علمه، وكتب إلى عبد الصمد بن علي، وكان سديف في حبسه فدفنه حيّا.
  وقال أبو الفرج في الأغاني: وكان سديف شاعرا مطبوعا، وكان شديد التعصّب لبني هاشم مظهرا لذلك في زمن بني أمية، وهو حجازي مخضرم، أدرك الدولتين، وكان يخرج إلى أحجار صفا بظاهر مكة تسمى صفا السباب، ويخرج مولى لبني أمية يسمى سلبا معه فيتسابّان ويذكران المثالب والمعايب، ويخرج معهما من سفهاء الفريقين من يتعصّب لهذا ولهذا فلا يبرحون حتى يقع الشجاج والجراح، ويخرج السلطان إليهم فيفرقهم ويعاقب الجناة، حتى شاعت عصيّتهم في السفلة والعامة، وكانوا فريقين سديفية وسلبية طوال أيام بني أمية، ثم صارت العصبية في أيام بني هاشم بين الحنّاطين والجزّارين(٢) بمكة.
  ومن شعره المختار للخلفاء في غناء المائة الصوت [من المتقارب]:
  علام هجرت ولم تهجري ... ومثلك في الهجر لم يعذر
  قطعت حبالك من شادن ... أغنّ قطوف الخطا أحور(٣)
(١) يشير بحسنيها إلى محمد بن عبد اللّه بن الحسن العلوي صاحب الثورة على المنصور.
العقد الفريد ٥/ ٨٨، تهذيب ابن عساكر ٦/ ٦٨، أعيان الشيعة ٣٤/ ٤، شعر سديف ٢٩.
(٢) في الأغاني ١٦/ ١٤٢: «الحرّارين»، أي صنّاع الحرير.
(٣) الشادن: ولد الظبية، والشادن من أولاد الظباء الذي قد قوي وطلع قرناه واستغنى عن أمه، «اللسان: مادة شدن». قطوف الخطا: المتقارب الخطو البطيء، والقطوف من الدواب: البطيء، والجمع قطف «اللسان: مادة قطف».
الأغاني ١٦/ ١٤١، شعر سديف ٢١.