نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[1] أبو العباس، إبراهيم بن العباس

صفحة 83 - الجزء 1

  الوزير القاسم بن عبيد اللّه بن وهب وزير الإمام المقتدر مع جماعة من الأعيان، فجاء إليه غلام أسرّ إليه شيئا، فتهلل وجهه وقام مسرعا إلى دار الحرم، فلبث قليلا ثم عاد إلينا منكسرا، فلما قعد سألناه، فقال: إن فلانة المغنية كانت تتردد إلينا ولها جارية من جواريها أعجبتني فسألتها أن تبيعها مني بما احتكمت، فلم تفعل، فألححت فلم تجب، فجاء الغلام الذي رأيتم الساعة وأخبرني إنها أهدتها إلي فأخذني السرور، ولم أملك نفسي، ونهضت مبادرا لافتضاضها فإذا بها قد حاضت ساعة دخولها، فأصابني غمّ شديد على ما فاتني منها، فأنشدته ارتجالا:

  «فارس ماض بحربته ... الخ».

  فانجلى همّه وأمر لي بجائزة.

  قلت: يمكن أن نفطويه أنشد بيتي المأمون لتشابه الواقعتين، لأن الرواة أطبقوا أنهما للمأمون.

  وكان الحسن بن سهل ينفق مدة إقامة المأمون عنده بفم الصلح أربعين يوما على ستة وثلاثين ألف صلاح، فما الظن بغيرهم من الرؤساء والجند والرعية، ونادى برئت الذمة ممن أوقد نارا في مضربه لطبيخ، وقام بالجميع من ما له، ولما عزّ الحطب أمرهم بغمس الحصير في حياض الزيت وإيقاده.

  وأقول:

  تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا

  وعتبه المأمون في كثرة الإنفاق، فقال: يا أمير المؤمنين إن اللّه قد رفع قدرك فوق كل أحد فأردت أن يكون نكاحك بقدر رفعتك، وليس ما أنفقته من مال سهل، إنما جميع ذلك مما أنعمت به من مالك.

  قال الثعالبي وغيره: ونثر الحسن رقاعا باسم ضياع له وعقار وبساتين على الكتّاب والحاشية والعامة، فكل من أصاب رقعة منها أشهد له بما فيها وسجّل له، وبلغت نفقة الحسن في أربعين يوما عشرة آلاف ألف دينار، فلما ارتحل المأمون أمر له بعشرة آلاف ألف دينار وأقطعه الصلح وصوغ له خراج مصر.