[86] أبو بحر، الضحاك بن قيس بن معاوية بن حصن
  قالوا: أوصنا.
  قال: ويل للشعراء من رواة السوء، ثم أغمي عليه ساعة وأفاق، فقالوا:
  قل لا إله إلّا اللّه، فقال:
  قالت وفيها حيدة وذعر ... عوذ بربّي منكم وحجر(١)
  فقالوا: أوص رحمك اللّه، قال: من الذي يقول:
  إذا أنبض الرامون عنها ترنّمت ... ترنّم ثكلى أوجعتها الجنائز؟(٢)
  قالوا: الطرماح(٣)، قال: أبلغوا غطفان أنه أشعر العرب.
  قالوا له: ويحك: أوص بما ينفعك!
  قال: أبلغوا امريء القيس أنه أشعر إذ يقول:
  فيا لك من ليل كأنّ نجومه ... بكلّ مغار الفتل شدّ بيذبل(٤)
  قالوا: اتق اللّه ودع عنك هذا.
  قال: أبلغوا الأنصار إن صاحبهم أشعر الناس إذ يقول:
  يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم ... لا يسألون عن السّواد المقبل
(١) حاد حيدا وحيدة عن الطريق: مال عنه وعدل. حجر: أي دفع، والعرب تقول عند الأمر تنكره:
حجرا له بالضم.
(٢) أنبض القوس مثل أنضبها: جذب وترها لتصوّت، وأنبض بالوتر إذا جذبه ثم أرسله ليزن، وأنبض الوتر أيضا: جذبه بغير سهم ثم أرسله، والأنباض أن تمد الوتر ثم ترسله فتسمع له صوتا «لسان العرب ٧/ ٢٣٥».
(٣) هو أبو تفر، وأبو ضبينة الطرماح بن حكيم بن الحكم من طيء. كان شاعرا فحلا وخطيبا مفوها.
نشأ في الشام، وانتقل إلى الكوفة. قيل أنه أعتقد مذهب الخوارج الأزارقة. كان معاصرا للكميت ابن زيد، وتربطه معه صداقة وثيقة. قيل للكميت: كيف اتفقتما وأنت كوفي نزاري شيعي، وهو شامي قحطاني خارجي؟ فقال اتفقنا على بغض العامة. توفي سنة ١٠٠ هـ ويحتمل بعد هذا التاريخ. له ديوان شعر صغير طبع بإنكلترا مع ديوان الطفيل بن عوف.
ترجمته في: الأغاني ١٢/ ٣١، الشعر والشعراء / ٤٨٩، تاريخ آداب اللغة لزيدان ١/ ٣١٦، جمهرة أشعار العرب / ٣٥٦، حماسة أبي تمام - مختصر شرح التبريزي ١/ ١١٦، أنوار الربيع ١ / هـ ٩٠.
(٤) مغار الفتل: محكمه وهو اسم مفعول من أغار الحبل إغارة وغارة: أي شد فتله. يذبل: بالفتح ثم السكون، هو جبل مشهور الذكر بنجد في طريقها. قال أبو زياد: يذبل، جبل لباهلة مضارع ذبل إذا استرخى، وله ذكر في شعرهم. «معجم البلدان ٥/ ٤٣٣».