[93] الخليفة المأمون، أبو الفضل وأبو العباس،
  معاوية بخير أو ترحّم عليه وأمر بلعنه على المنابر مرارا، ونادى بتحليل متعة النكاح، حتى صدّه القاضي يحيى بن أكثم وقال المتعة زنا لأنه:
  قاض يرى الحدّ في الزناء ولا ... يرى على من يلوط من بأس
  وذكر ابن خلكان عن محمد بن منصور قال: كنّا مع المأمون في سفر فأمر أن ينادى بتحليل المتعة، فقال لي يحيى بن أكثم ولأبي العيناء: فإن رأيتما للقول وجها فقولا، وإلّا فاسكتا حتى أدخل.
  قال: فدخلنا وهو يستاك ويقول وهو مغتاظ: متعتان كانتا على عهد رسول اللّه ÷ وعهد أبي بكر وأنا أنهى عنهما، ومن أنت يا جعل حتى تنهى عمّا فعله رسول اللّه ÷! فأمسكنا حتى جاء يحيى بن أكثم فجلس، فقال المأمون: مالي أراك متغيّرا؟ فقال: هو غم يا أمير المؤمنين لما حدث في الإسلام من النداء بتحليل الزنا، قال: الزنا! قال: نعم، المتعة زنا، قال: ومن أين لك هذا؟ قال:
  من كتاب اللّه تعالى وحديث رسول اللّه ÷، قال اللّه «قد أفلح المؤمنون» إلى قوله {إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ}(١). والمتعة من وراء ذلك فمتبعها من العادين، وهذا الزهري روى عن عبد اللّه والحسن ابني محمد بن الحنفيّة عن أبيهما عن علي قال: أمرني رسول اللّه ÷ أن أنادي بالنهي عن المتعة وتحريمها بعد أن كان أمر بها، فقال المأمون: أمحفوظ هذا من حديث الزهري؟ فقلنا:
  نعم يا أمير المؤمنين رواه جماعة منهم مالك، فقال: استغفر اللّه نادوا بتحريم المتعة، قال: فنادوا بذلك(٢).
  وسيأتي تفصيل عقد المتعة إن شاء اللّه تعالى في ذكر زين الدين العاملي(٣) في حرف الميم وما يجيب المثبت لها عن الآية.
  ومن محاسن المأمون: إنّه أرجع ضيعة فدك لآل فاطمة & ومدحه أبو علي دعبل الخزاعي على ذلك بقصيدة أولها:
  أصبح وجه الزّمان قد ضحكا ... بردّ مأمون هاشم فدكا
(١) سورة المؤمنون: الآيات ١ - ٧.
(٢) وفيات الأعيان ٦/ ١٤٩ - ١٥٠.
(٣) ترجمه المؤلف ضمن الترجمة رقم.