[93] الخليفة المأمون، أبو الفضل وأبو العباس،
  وقال العسكري في الأوائل: أوّل من أرجع فدك عمر بن عبد العزيز |.
  أخبرنا أبو أحمد عن الجوهري عن محمد بن زكريا عن ابن عائشة عن أبيه عن محمد قال: شهد علي # وأمّ أيمن عند أبي بكر أن النبيّ ÷ وهب فدكا لفاطمة & ثم ساق الحديث المشهور الخ، قال: فلمّا ولي معاوية أقطع ثلثها مروان بن الحكم، وثلثها عمر بن عثمان، وثلثها يزيد بن معاوية، وذلك بعد موت الحسن #، فتداولوها حتى ولي مروان فوهبها لعبد العزيز بن مروان فنحاها عمر إليه في حياة أبيه، فلما ولي كانت أوّل مظلمة ردّها إلى عبد اللّه بن الحسن ثم قبضها أبو جعفر ثم ردّها المهدي على ولد فاطمة &، ثم قبضها موسى وهارون ثم ردّها عليهم المأمون.
  أخبرنا أبو أحمد عن الجوهري عن محمد بن زكريا عن مهدي بن سابق قال: جلس المأمون للمظالم فأوّل رقعة وقعت في يده نظر إليها وبكى، وقال:
  أين وكيل فاطمة بنت رسول اللّه فقام شيخ عليه دراعة وعمامة وخفّ تعزي، فتقدم فجعل يناظره في فدك، والمأمون يحتج عليه وهو يحتج على المأمون، ثم أمر أن يسجّل بها لهم فسجّل وأمضاه المأمون، ولم تزل في أيديهم حتى كان أيام المتوكل فاقطعها عبد اللّه بن عمر البازيار وكان فيها أحدى عشرة نخلة ممّا غرسه رسول اللّه ÷ بيده، وقد كان آل أبي طالب يأخذون ذلك التمر، فإذا قدم الحجّاج أهدوا إليهم منه فيصل إليهم به مال جليل، فبلغ المتوكل ذلك فأمر عبد اللّه بن عمر أن يصرمه ويعصره، فوجّه رجلا اسمه بشر بن أميّة الثقفي فخرج إلى المدينة فصرمه وعصره، وذكروا أنّه جعله نبيذا فما وصل الثقفي إلى البصرة حتى فلج وقتل المتوكل، ولمّا ردّها قال دعبل:
  أصبح وجه الزمان قد ضحكا ... برّدّ مأمون هاشم فدكا
  وكان المأمون مشهورا بالحلم ويقول: لو يعلم الجناة تلذذي بالعفو لتقربوا إليّ بالمعاصي.
  والمأمون أشعر العباسيين بعد ابن المعتز وابن الهبارية والبياضي، فمن شعره وقد أرسل إلى المحبوب رسولا:
  بعثتك مشتاقا ففزت بنظرة ... واغفلتني حتى أسأت بك الظّنا
  ورددت طرفا في محاسن وجهها ... ومتّعت في استمتاع نغمتها أذنا
  أرى أثرا منها بعينك لم يكن ... لقد سرقت عيناك من وجهها حسنا