نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[93] الخليفة المأمون، أبو الفضل وأبو العباس،

صفحة 304 - الجزء 2

  وحكى إنّ أبا العتاهية⁣(⁣١) الشاعر المشهور كان يرى رأي الجهميّة فسأل المأمون أن يجمع بينه وبين أبي علي ثمامة بن أشرس المتكلّم ليقطعه، فقال المأمون لأبي العتاهية: عليك بشعرك، فلم يقبل، فجمع بينهما بحضرته فقال أبو العتاهية: إني أقول أن كلّما في العالم من خير وشر فهو من اللّه ثم حرّك أصبعه وقال لثمامة من حرّك إصبعي؟ قال ثمامة: من أمّه زانية، فقال أبو العتاهية:

  شتمني يا أمير المؤمنين، قال ثمامة: ناقض الماصّ بظر أمّه⁣(⁣٢) فضحك المأمون وقال: ألم أقل لك عليك شعرك فلم تقبل منّي! ثم قال لثمامة: ما منعك أن تجيبه برفق؟ فقال: إن خير الأجوبة ما قام بالحجة وشفى الغيظ وانتقم من الجاهل⁣(⁣٣).

  قال البيهقي في المحاسن والمساوي عن بعض أهل الأدب قال: تجارينا الأدب واللّغة عند المأمون وكان بجارا فقال لي: ما أرادت هند بنت عتبة⁣(⁣٤) في قولها:


(١) هو أبو إسحاق إسماعيل بن القاسم العنزي بالولاء، وقيل عنزي نسبا وولاء، الملقب بأبي العتاهية. ولد بعين التمر سنة ١٣٠ هـ وقيل ١٣١ ونشأ بالكوفة، ثم انتقل إلى بغداد. كان له اتصال بالبلاط العباسي. وكان شاعرا مجيدا مكثرا، وهو أحد الثلاثة المكثرين المجودين - هو والسيد الحميري وبشار - حتى قيل: يكاد يكون كل كلامه شعرا. رماه خصومه وحساده بالفسق والزندقة، وكانت مثل هذه التهم رائجة في زمانه. كل شعره في السنين الأخيرة من حياته في الزهد والوعظ والحكم والأمثال.

توفي ببغداد سنة ٢١١ على أصح الروايات. له ديوان شعر حققه د. شكري فيصل وعمل له تكملة، وطبعته جامعة دمشق سنة ١٩٦٥ م.

ترجمته في: الأغاني ٤/ ٣ - ١١٨، أعيان الشيعة ١٢/ ٤٨، الشعر والشعراء / ٦٧٥، طبقات ابن المعتز / ٢٢٨، معاهد التنصيص ١/ ٢٣٧، روضات الجنات / ١٠٢، شذرات الذهب ٢/ ٢٥، الكنى والألقاب ١/ ١١٨، وفيات الأعيان ١/ ٢١٩ - ٢٢٦، تاريخ بغداد ٦/ ٢٥٠، الموشح / ٣٩٥، أنوار الربيع ٢ / هـ ٩٦.

(٢) يا ماصّ بظر أمه، أو يا عاض بظر أمه: سبّة درج على تردادها العرب.

(٣) الأغاني ٤/ ٨ - ٩.

(٤) هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف: أم «معاوية» بن أبي سفيان. تزوجت أباه بعد مفارقتها لزوجها الأول «الفاكه بن المغيرة» المخزومي، في خبر طويل من طرائف أخبار الجاهلية. وكانت فصيحة جريئة، صاحبة رأي وحزم ونفس وأنفة، تقول الشعر الجيد. وأكثر ما عرف من شعرها مراثيها لقتلى «بدر» من مشركي قريش، قبل أن تسلم. وكانت ممن أهدر النبي ÷ دماءهم، يوم فتح مكة، وأمر بقتلهم ولو وجدوا تحت أستار الكعبة؛ فجاءته مع بعض